عن الذات عند الرجال الذين يمثلون الثورة في القاهرة أو في دمشق. كما ندرك أن المعركة الحقيقية- ليست هي التي تجري على حدود هذه الثورات مع الاستعمار ولكن المعركة في داخل البلاد مع القابلية للاستعمار تلك القابلية المتمثلة في بعض الشخصيات الإقطاعية وبعض العادات الرجعية. أو في داعية يدعي أنه يمثل المهدي في تلك البلاد نتوقع شره.
ولنحدد مرة أخرى مكاننا في هذا العرض. إن مظهر ((الأفكار الميتة)) لم يكن هو الموضوع الذي أثاره الحديث الذي أشرنا إليه ولكننا قد رأينا من خلال ما تقدم، كيف كان الحديث الذي يضيء المظهر الآخر (الأفكار القاتلة) بضوئه الخاص، حتى نرى ما بينهما من اتصال وثيق، سيزيده وضوحا ما سيتبع.
فلقد نجد أحيانا دور ((الأفكار الميتة)) ودور ((الأفكار القاتلة)) يتمثلان في شخصية واحدة، تمثل المظهرين، لأنها تحمل الجرثومة الموروثة في كيانها، تلك الجرثومة التي ((تمتص)) بطبيعتها، على صورة ما، الجرثومة المستوردة وتقرها في المجتمع الإسلامي المعاصر.
والشيء الذي يغيب على الأستاذ الزيتوني الذي يخطِّئُ شوقي هو ذلك الارتباط التكويني بين الجانبين المرضيين في الثقافة الإسلامية في طورها الراهن .. ولست أشعر أنني أفدته عندما أردت خلال الحديث لفت نظره إلى هذا الوضع الخطير في عالم أفكارنا .... مع أنني تعمدت في كلامي معه القياس على المبدأ المشهور: ((إن الإناء يرشح بما فيه)) كي يفهم الأخ المستمع أن فكر عهد ما بعد الموحدين مستعد لكي ((يمتص)) الموت من جانب لأنه من جانب آخر يرشح به .. وهذه الظاهرة المزدوجة تثير مشكلة من نوع خاص محددة بصورة معينة لا يجوز لنا أن نتناولها في صورة غيرها كي لا تنعكس القضية، فلا يجوز لنا مثلا أن نتساءل: لماذا توجد عناصر فكرية قاتلة في الثقافة الغربية؟. بل فليكن سؤالنا في صورة أخرى: لماذا تمتص بالضبط طبقتنا المثقفة في البلاد الإسلامية هذه العناصر القاتلة؟