بحيث يكون صاحبها خاضعا لسلطانها في كل حال، إلا ما لا يخلو عنه الانسان من غلبة جهالة أو نسيان. وليس الربا من المعاصي التي تنسى، أو تغلب النفس عليها خفة الجهالة والطيش، كالحدة وثورة الشهوة، أو يقع صاحبها منها في غمرة النسيان كالغيبة والفطرة، فهذا هو الايمان الذي يعصم صاحبه بإذن الله من الخلود في سخط الله، ولكنه لا يجتمع مع الاقدام على كبائر الاثم والفواحش عمدا، إيثارا لحب المال واللذة، عن دين الله وما فيه من الحكم والمصالح. وأما الايمان الاول: فهو صوري فقط، فلا قيمة له عند الله تعالى، لأنه تعالى لا ينظر الى الصور والاقوال، ولكنه ينظر الى القلوب والأفعال، كما ورد في الحديث، والشواهد على هذا الذي قرّرناه في كتاب الله تعالى كثيرة جدا، فهو مذهب السلف الصالح، وإن جهله كثير ممن يدعون اتباع السنة، حتى جرأوا الناس على هدم الدين، بناء على أن مدار السعادة على الاعتراف بالدين، وإن لم يعمل به، حتى صار الناس يتبجحون بارتكاب الموبقات، مع الاعتراف بأنها من كبائر ما حرّم، كما بلغنا عن بعض كبرائنا أنه قال: إنني لا أنكر إنني آكل الربا ولكنني مسلم أعترف بأنه حرام، وقد فاته أنّه يلزمه بهذا القول الاعتراف بأنه من أهل هذا الوعيد، وبأنه يرضى أن يكون محاربا لله ولرسوله، وظالما لنفسه وللناس». (?)
نرى في تفسير المنار، أن الشيخ رشيد يعطي نفسه حريّة واسعة في استنباط الأحكام الشرعية من القرآن الكريم، مخالفا بذلك جمهور الفقهاء، معترضا على ما ذهبوا إليه، حاملا عليهم حملة شديدة.
ففي تفسيره لقول الله تعالى: