السكر) عشرين مرة بأسعار مختلفة، ويشتريها، وما باع على التحقيق ولا اشترى، ولا قام من مكانه، ولا أخذ ولا أعطى. ثم ينفض الاجتماع ويلقي الستار على من ربح منهم عشرة آلاف ليرة، أو من خسر مثلها. أما هذا وأشباهه -وما أكد أشباهه- فما هو لعمر الحق إلا القمار بعينه وأنفه وذنبه.
وإذا كان حقاً (?) ما اعتمده (رينان)، من أن الدولة تقوم على (الإرادة المشتركة)، لا على الأرض وحدها ولا اللغة منفردة، إلى آخر ما في «نظريته» المعروفة، فليس التجار منا ولا نحن من التجار، لأنهم يريدون غير ما نريد ولا إرادة مشتركة بيننا وبينهم، فنحن نرجو الرخص وهم يتمنون الغلاء، ونحن نحب أن تنتهي الحرب، وهم يحبون أن تدوم، ونحن نطلب من الحكومة أن تسعِّر وتراقب، وهم يطلبون لأنفسهم حرية إذاعتنا وتعريتنا، ونحن لا نجد مالاً نشتري به لوازمنا، وهم لا يجدون لذة جديدة يصرفون فيها أموالهم، فأي جامعة بيننا وبينهم؟.
...
وإذا كانت الرسالة جردت قبل الحرب (?) قلمها البليغ، لنصرة أكرم مبدأ، مبدأ الإحسان، والدفاع عن الفقراء والمحتاجين، وإثارة الحمية في نفوس الأغنياء القادرين، ذلك والدنيا في رخاء والحياة سهلة، والسلام قائم، فأولى أن تستل هذا القلم العضب اليوم، حين اشتد الخطب، واتسعت بين الفريقين الشقة، وازداد الأغنياء غنى، والفقراء فقراً، ونشأت هذه الطبقة المحدثة النعمة التي شبعت من المال ولا تزال في جوع إلى الرفاهية والبلهنية واللذائذ: طبقة «أغنياء الحرب».
...
إن أهل القصر لا يزالون في لهوهم وقصفهم، وأهل الكوخ لا يزالون في كدهم وجدهم، والمطر دائب ما ينقطع، والبرد قارس ما يخف، والليل موحش مخيف، فمن لهؤلاء المساكين، إن لم تجرد لنصرتهم الأقلام من أغمادها وتشرع