أذيعت سنة 1948 (?)
يا سادتي ويا سيداتي. قعدت لأكتب هذا الحديث، فما بدأت به حتى هبت العاصفة في بيت الجيران، وعلت الأصوات، وزمجر الرجل وصخب، وولولت المرأة وعيّطت (?)، وقام الشيطان يهيج للشر ويضحك، ثم هدأت العاصفة فجأة كما هبت فجأة، وأعقبها سكون ثقيل، سمعت له دوياً في أذنيّ شغلني عن الكتابة، فقمت أنظر من شباكي الذي يكشف مكانهم ويبدي كلّ ما فيه (?). انظر ماذا جرى. فإذا الزوج قاعد في ركن المنزل ينظر في جريدته عابساً، ولا أظنه يفقه منها حرفاً، والمرأة في الركن الآخر تطرز ولا أحسبها تلقي لتطريزها بالاً، وهو يندب حظه يحسب أنه وحده الخائب في زواجه، وهي تبكي جدّها تحسب أنها وحدها التي فقدت سعادتها، ورأيت الولد قد ملّ هذا السكون ... فمشى إلى أبيه خائفاً يترقب، فقال له:
- بابا. أعطني شُكلاطة.
فصرخ به زاجراً: قل لأمك. أتريد أن أخدمكم في السوق وفي البيت، وأن أعمل عمل الرجل والمرأة؟!
فابتعد عنه الولد، ونظر إلى أمه، فصاحت به من غير أن ترفع رأسها عن شغلها:
- ابتعد عني وإلا كسرت رأسك، أنت أصل السبب، يا ضيعة تعبي،