نفقتهم (وكسوة النساء) أقبح التبذير، لأنهن يشترين قماشاً لا يدفئ ولا يستر، ويدفعن ثمنه غالياً، ثم إذا مرت شهور بطل طرازه (موضته) فأصبح لا يصلح لشيء ... وبعد الكسوة نفقات حفلة الزفاف. ثم إذا دخل على زوجته، وانفرد بها، لا تكلمه حتى يدفع إليها (ثمن شعرها) وهي جملة من المال لا تقل عن (بضع ليرات ذهبية) ولا حد لزيادتها، وما أدري والله كيف تنزل الفتاة للمقص عن شعرها يجزّه ويلقيه على الأرض، ثم تطلب (ثمنه) من زوجها؟
ثم إذا أصبح أعطاها (وجوباً) عطية أكبر من (ثمن الشعر) هي (الضُّبْحة)، فإذا زال النهار أهدى إليها هدية، لا بدّ أن يكون فيها إزار للحمام ثمين وقد يكون منسوجاً بخيوط الفضة، ومناديل (مناشف) ... إلخ، ثم تأتي نفقات (السبعة الأيام) يقيم فيها الأقارب والأهلون في داره، تولم لهم كل يوم الولائم، ويُطرفون بأنواع الطرف، فإذا انتهت دعوا جميعاً إلى الحمام وقد قلّ ذلك في هذه الأيام منذ كثرت الحمامات في الدور، وأهملت الحمامات العامة أو كادت، ثم يدعو أهلها (أي أهل الزوجة) جميعاً وأهله إلى وليمة كبيرة تسمى (التعريفة) يعرَّف فيها بعضهم ببعض - وقد يبلغ المدعوون إليها المئات في بعض الأسر الكبيرة ...
فأنى لمثلى الطاقة على هذه المصروفات التي تخرب بيوت الأغنياء؟ وإني لأعرف قاضياً شرعياً زوّج ابنه، فتكاثرت عليه النفقات، فلم يقدر عليها حتى باع بيته لينفق ثمنه في ليالي العرس! هذا أول موانع الزواج وأظهرها ...
الحجاب:
وهب أني قد وقعت على كنز، أو أصبت إرثاً فأصبحت غنياً وتوفر لي ما أبتغي من المال فكيف أختار زوجتي؟ أما الحاسرات المتبرجات اللائي يعرف الرجال كلهن: صدورهن ونحورهن وأيديهن وسوقهنَّ، فأنا (بحمد الله) أعقل من أن أتخذ زوجة منهن، ولو كانت ابنة ماء السماء، وأعلم العلماء، وما أحسب ذا دين ومروءة، يرضى أن يتزوج بمن رضيت لنفسها إهمال الدين وإسقاط المروءة، بتعرّضها في زينتها وفتنتها للرجال، تستهويهم وتأخذ بأيديهم إلى