- قلت: أن تعرف أن لزوجك عليك حقاً، وإن لولدك عليك حقاً، وأن تؤدي لكل ذي حق حقه.
صحيح أنك تروح العشية إلى دارك تعبان ضجران، وأن لك أن تستريح وتهدأ، ولكن لا تنسَ أن المرأة في تعب كتعبك وضجر كضجرك، وأنها ترقب مجيئك لتأنس بك، وتلجأ إلى كنفك، وتتخلص بك من هم العفاريت فاعطها ما تطلب منك تعطك ما ترجوه منها.
لا تعطها المال، ولا الهدايا، بل الوجه الطلق، والثغر الباسم، والتحية الحلوة، إنك مهما كنت في تعب، وجاءك ضيف عزيز فإنك تتلقاه بالسلام والابتسام، فلم يكون هذا الضيف أحق ببرّك وخيرك من امرأتك؟
فإذا انتهيت من طعامك، تخيّر لها من حديث يومك، مما رأيت وسمعت ما تملأ به وقتها وتملأ به بالحب قلبها، وهي تحدثك بطريف الحديث، بما يسرّ ويمتع، لا بما يزعج ويغضب، ويحفظ كلٌّ متاعبه ساعةً لنفسه، لا ينفضها في وجه صاحبه من أول لحظة، ولا تقعدا ساكتين كأنكما صنمان في متحف، فإن من آفات الحياة الزوجية أن الزوجين لا يتحدثان إلا قليلاً، لا لأن الأحاديث تنفد وتنتهي، بل لأنهما لا يحفلان الحديث ولا يردانه، والأحاديث لا تنتهي أبداً، والدليل أن الزوجين يكونان جالسين ساكتين فإذا جاءهما قريب أو قريبة تدفق كلاهما بالحديث، واستبقا إليه وتزاحما عليه.
ولقد قرأت مرة أن زوجين عجوزين كانا كلما قعدا تهامسا بشيء ثم انطلقا يضحكان، فسئلا من أين يجدا دائماً هذا الكلام المضحك، فقال الرجل: إننا اتفقنا على شيء نقطع به حبل السكوت بيننا، هو أننا إذا لم نجد ما نقوله، همست في أذنها: واحد اثنين ثلاثة أربعة خمسة، فقالت: ستة سبعة ثمانية تسعة عشرة. فنضحك ونجد ما نقول.
لا أطلب من الزوجين أن يلتا ويعجنا (?) طول الليل، لا، بل بأن يتحدثا