العنصرية (Racisme) ومقتضى ذلك أن يكون بشار مثلاً شاعراً فارسياً، وابن الرومي شاعراً يونانياً، بل إننا لو ذهبنا هذا المذهب لكان ملك الإنكليز غير إنكليزي. ولكان من الواجب الحجر عليه خلال الحرب الماضية لأنه من رعايا الألمان؟

ومن منا اليوم يستطيع أن يرتفع بنسبه إلى ربيعة أو إلى مضر، أو إلى أي فرع من فروع الشجرة العربية بدليل ثابت لا بمجرد القول والتسامح. وإذا أمكن ذلك فكل من العرب يثبت نسبه على هذا الشكل؟

وأما من عرفنا من قوميي الشام فإن لهم أقوالاً أشهرها أن العربي هو من يتكلم العربية لغة أصلية له، ويعيش في بلاد العرب، ويشارك العرب آمالهم وآلامهم. وهذا التعريف كالنحاس المطلي بالذهب، إن مسسته برفق كان ذهباً له وميضه ولمعانه، ولكنك إن وضعته على المحك خرج نحاساً! لأن من غير العرب الذين عاشوا في بلاد العرب، كالأرمن في الشام والأروام في مصر من ينشئ أولاده على الكلام بالعربية كأهل البلاد من العرب، ثم إنه يعيش بينهم! أما المشاركة في الآمال والآلام فشيء خفي لا يعلمه إلا الله، ولا تظهره إلا التجربة، ولا يصح أن يكون مقياساً منطقياً. وإذا أردنا أن نحصي سكان بلدة ما من العرب، فكيف نقيم الامتحان العام لمعرفة آمالهم وآلامهم وما يشاركون فيه وما يخالفون؟

ثم إن من العرب من يتكلم في بيته تطرفاً أو تقليداً بالفرنسية، ويقيم في غير بلاد العرب، وليس في نفسه أمل لأمته، ولا ألم عليها. لا يهتم إلا بخاصة أمره وجوالب لذته وراحته. فهل نعد هذا من غير العرب؟ وماذا يكون: فرنسياً أو إنكليزياً أو ماذا؟

أما الإسلام فعقيدة يعبر عنها قول معين، وعبادة وخلق، فمن نطق بالكلمة المعبرة عن العقيدة، وأدى فروض هذه العبادة، وتخلق بهذه الأخلاق، فهو واحد من المسلمين، مهما كان لونه وجنسه ولسانه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015