فلابد من عوجاء تهوي براكب ... إلى ابن الجلاح سيرها ليل قاصد
تخب إلى النعمان حتى تناله ... فدا لك من رب طريفي وتالدي
فسكنت نفسي بعدما طار روحها ... ولبستني نعمى ولست بشاهد
وكنت امرءًا لا أمدح الدهر سوقة ... فلست على خير أتاك بحاسد
سبقت الرجال الباهشين إلى العلا ... كسبق الجواد اصطاد قبل الطوارد
علوت معدا. نائلا ونكاية ... فأنت لغيث الحمد أول رائد
وقد اشتهر بالمدح ثلاثة من الشعراء الجاهليين، هم: زهير بن أبي سلمى، والنابغة الذبياني، وأعشى قيس.
وكان زهير يعجب بالعظماء الذين يقومون بالأعمال الجليلة. فيثني عليهم. ويشيد بمآثرهم وأفضالهم. وقيل عنه إنه كان لا يمدح الشخص إلا بما فيه، وقد مر بنا في معلقته إشادته بالحارث بن عوف، وهرم بن سنان لما قاما به من الصلح بين عبس وذبيان وتحملهما ديات القتلى. ومن مدائحه في هرم قوله:
لعمر أبيك ما هرم بن سلمى ... بملحي إذ اللؤماء ليموا264
ولا ساهي الفؤاد ولا عيي ال ... لسان إذا تشاجرت الخصوم265
ولكن عصمة في كل أمر ... يطيف به المخول والعديم266
متى تسدد به لهوات ثغر ... يشار إليه جانبه سقيم267
مخوف بأسه، يكلأك منه ... قوى، لا ألف ولا سئوم268
له في الذاهبين أروم صدق ... وكان لكل ذي حسب أروم269