عليه معنى ووصل به لطبقة، ودخل إليه من باب الكناية والتعريض والرمز والتلويح، فقد صار بما غير من طريقته. واستؤنف من صورته واستجد من المعرض1، وكسى من ذلك التعرض داخلًا في قبيل الخاص الذي يملك الفكرة، والعمل، ويتوصل إليه بالتدبير والتأمل، وذلك كقولهم وهم يريدون التشبيه "سلين الظباء العيون" كقول بعض العرب:
سلين ظباء ذي قفر طلاها ... ونجل الأعين البقر الصوارا2
فقد أوهم أن ثمّ سرقة وأن العيون منقولة إليها من الظباء، وإن كنت تعلم إذا نظرت أنه يريد أن يقول: أن عيونا كعيون الظباء في الحسن والهيئة، وفترة النظر3.
ثانيهما: أن يتفق الشاعران في الإتجاه الخاص وجهة الدلالة التي يهدف إليها كل منهما، والانفراد بحسن التعليل، كإثبات دلائل الشجاعة وعلامات السخاء، وهذا الأمر على ضربين:
أحدهما إن كان الإتفاق في هذا مما يشترط فيه الناس وتألفه العقول، وتجاري العادات، فيدخل في القسم الأول وهو المشترك العامي.
وثانيهما: هو ما ينتهي إليه الشاعر عن تدبر واجتهاد وبعد منال ومعاناه، وغوص وعرق فيختص صاحبه به، ويجوز فضل السبق والتقدم ويكون مجال المفاضلة والتفاوت، وهذا ما يسميه الإمام بالمعنى الخاص.
يقول:
وأم وجه الدلالة على الغرض، فهو أن يذكر ما يستدل به على إثباته له بالشجاعة
والسخاء مثلًا ... كالتشبيه بالأسد وبالبحر في الناس والجود، وبالبدر والشمس في الحسن والبهاء والإنارة بالإشراق ...
وأما الاتفاق في وجه الدلالة على الغرض، فيجب أن ينظر: فإن كان مما اشترك الناس في معرفته وكان مستقرًّا في العقول والعادات، فإن حكم ذلك وإن كان خصوصًا