الصورة في الأبيات هو سحر جمال المرأة، الذي يصعق المقيم كالموت. وعلى ذلك فلا محلّ في صورة المدح للنظم، الذي يتأدَّى به السمع، فهو يفسد التلاؤم فيها ويذهب انسجام أجزائها.
فالشاعر لم يضع الألفاظ في مواضعها، ولم يورد للمعنى باللفظ المعتاد فيه ووقع تنافر في المعنى بين طرفي الاستعارة، وغير ذلك مما سبق ذكره، مما جعل الآمدي بتهكم بالشاعر، ويرميه بالحمق والجهل والخطأ، كما هو واضح من النص السابق ويرى ايضًا أن التقليد الأعمى في الصورة ذهب برونقها وصحتها، ويطمس معالم الأصالة فيها، وقد يجعل المقلد الغرض الذي كسته الصورة.
فأبو تمام لم يستعمل اللطم في مكانه المناسب في نظم الصورة، مقلدًا النابغة الذي أحسن أداءه في التصوير، حيث قال: "مقدومة بدخيس الشحم" وهي على نصيب موفور من الجودة والحسن، لأن القذف بالشحم معناه: أنه رمى على جسمها رميًا وهو مصيب في حكمها هذا الذي يدلّ على سلامة ذوقه في فهم الصور، وإصابته في الحكم عليها.
فصورة النابغة بلغت غاية الجمال على عكس صورة أبي تمام، فقد أحسن الشاعر الجاهلي التعبير بالقذف لغزارة الشحم المتزايد في تتابع كسرعة القذف والرمي واختيار لفظ "القذف" هنا لا بديل عنه، لأن كثرة الشحم وغزارته، كما هو مفهوم من لفظ "دخيس" ينقص من جمال المرأة، ويودي برشاقتها ويسوي النتوء في جسدها، فلا يكون لها ردف وخاصرة، ولا ثدي ظاهر، وتقاطيع بارزة، مما يزيد من جمال المرأة وفتنة جسدها، ولكن التي طغى عليها الشحم، تستحق، لإهمالها نفسها - ألفاظ السباب والشتم، وهو ما اختاره النابغة في