صورته، حيث قال: "مقذوفة" و"دخيس" أظن أن ليس هناك صورة أروع من هذه الصورة، وخاصة وقد وقعت لشاعر جاهلي.

ولكن أبا تمام على الرغم من إيغاله في حضارة الدولة الإسلامية وفي عصورها الذهبية أساء التقليد والفهم معًا لموطن الكلمة السابقة في صورته، وقد نقده الآمدي نقدًا لاذعًا.

وتعقب الناقد صورة أبي تمام ليكشف عن عيبها، ويفضح عجزه فيها، ويبين فهمه الخاطئ لصورة أبي نواس، وهي "وتلطلم الورد بعناب" فلم يفهم الفرق بين المقامين، فمقام صورة أبي نواس يقتضي هذا، لأن المرأة التي صورها كانت في الحقيقة كذلك، تلطم في مأتم خدها الأحمر بأصابعها المخضبة كالخضاب.

وصحيح أن أبا تمام أساء الفهم والتقليد لصورة ابي نواس، التي تطابق واقع المرأة اللاطمة، وهو ما ذهب إليه الآمدي.

ولكن الذي قصر فيه الناقد أن الغرض في صورة أبي نواس هو الحزن والبكاء، ولا يتلاءم معه ذكر الورد والعناب بجوار اللطم فيها، ولذلك نرى أن صورتي أبي تمام وأبي نواس دون صورة النابغة بكثير.

وبهذا يكون الناقد قد حقق كثيرًا في مفهوم الصورة الأدبية وفي إيضاح بعض معالمها ليمثل مرحلة هامة من مراحل نضوجها وتمامها في النقد القديم، وذلك في جانبيها النظري والعملي التطبيقي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015