كالنسج والنقش والصوغ، وبهذا المفهوم وتلك الموازنة تأثر عبد القاهر فيما بعد "ويكون كالنساج ... إلى قوله وكذلك الشاعر".
تاسعًا: التلاؤم الشديد بين اللفظة واللفظة في الجزلة والدقة، وفي غرابة اللفظ وبداوته في الحضرية المولدة يقول: "إذا أسس شعره على أن يأتي فيه بالكلام البدوي - الفصيح، لم يخلط به الحضري المولد، وإذا أتى بلفظة غريبة أتبعها أخواتها" وكذلك قوله: "في اشتباه أولها بآخرها نسجًا وحسنًا، ونصاحة وجزالة ألفاظ، ودقة معانٍ وصواب تأليف".
قدامة بن جعفر والصورة الأدبية:
وممن أشار إلى الصورة الأدبية قدامة بن جعفر الذي اعترف بها عنصرًا من عناصر الشعر، وربطها بغيرها من العناصر الأخرى فهو يرى "أن المعاني كلها معرضة للشاعر وله أن يتكلم منها فيما أحبَّها وآثر، من غير أن يحظر عليه معنى يروم الكلام فيه، إذا كانت المعاني للشعر بمنزلة المادة الموضوعة، والشعر فيها كالصورة، كما يوجد في كل صناعة، من أنه لا بد ليها من شيء موضوع يقل تأثير الصورة منها، مثل المحب للتجارة، والفضة للصباغة 1".
وكلام قدامة أدخل في باب التصوير من رأى الجاحظ فيه، فقد جعل للشعر مادة وهي المعاني، وصورة وهي الصناعة اللفظية، وبالتجويد في الصياغة، يقول: "وعلى الشاعر إذا شرع في أي معنى كان من الرفعة أو الصنعة.... وغير ذلك من المعاني الحميدة أو الذميمة أن يتوخَّى البلوغ من التجويد في ذلك إلى الغاية المطلوبة 2".