ويؤكد هذه الوحدة في موطن آخر فيقول: -
"وينبغي للشاعر أن يتأمَّل تأليف شعره وتنسيق أبياته ... فلا يباعد كلمة عن أختها، ولا يحجز بينها وبين تمامها بحشو يشينها، ويتفقد مصراع كل يشاكل من قبله "1.
على الشاعر أن يتأمل نظمه وتأليفه فيتجنب الحشو فيه، ولا يفصل بين الأخوات من الكلام بأجنبي، ويضع الصراع متلائمًا مع قرينه.
ومن الخطأ أن تذهب كما ذهب بعض الدارسين إلى أن ابن طباطبا لا يهتم بالوحدة العامة في القصيدة أو في الصورة الكلية، وإنما يهتم بالوحدة في البيت الواحد، أو في الصورة الجزئية كما يقول د. غنيمي هلال3، لأن ابن طباطا ناقدنًا الجليل قد حدَّد الوحدة الموضوعية تحديدًا كاملًا.
والذي أعنيه ويتصل بالبحث، هو موقف ابن طباطبا من الصورة الأدبية في الشعر ومدى إدراكه لها وكيف عالجها، ولا يضر هنا كثيرًا أنه عالجها في صورها الجزئية أو في البيت الواحد أو أنها ترتبط بالنظم والتأليف، أو كانت رافدًا قويًّا من روائد النصوح في النظم والصورة الأدبية كما عند الإمام عبد القاهر الجرجاني بعد ذلك.
ثامنًا: الذي يدل على أنه اهتم بالصياغة والتأليف وسلامة النظم، أنه جعل الشاعر كالتاج الحاذق والنقاش الماهر، وناظم الجواهر الدقيق، هنا يربط ابن طباطبا بين التصوير الأدبي، وبين فنون التصوير الأخرى المحسة من نسج ونقش وصوغ ليوضح أن هذه الصناعة من تلك، إذن بالصورة الأدبية عنده