ويضيف قدامة عنصرًا جديدًا في بيان مفهوم الصورة الشعرية، حيث يشبه صناعة الشعر بغيره من سائر الصناعات كالتجارة للخشب، والصياغة للفضة، فالجميع يعتمد على مادة وشكل، فالفضة مثلًا يتخذ منها أشكالًا مختلفة، وكل شكل يسمى صورة كالخاتم مثلًا، وكذلك الأمر في الشعر لأنه كسائر الصناعات يقول ابن سلام الجمحي عن الشعر "صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف العلم والصناعات"1.
ويبيّن أيضًا فضل الصورة في العمل الأدبي، إذ بها تقاس قدرة الشاعر ومهارته في صناعة الشعر، فالقطعة من الخشب أو الفضة في ذاتها لا تفصل قطعة أخرى إلا بالصورة التي ظهرت فيها، وقد يتناولها الصانع في صورتين، فتظهر إحداهما ذميمة، والأخرى جميلة، مع أن المادة من الخشب أو الفضة واحدة فيها.
وكذلك الشعر عند ابن جعفر، قد يتناول الشاعر موضوعًا واحدًا، يصوره تصويرًا حسنًا في مواطن، ويعرض إيَّاه في معرض قبيح في موطن آخر، ويدل هذا -مع اتحاد المادة- على قدرة الشاعر ونبوغه، التي ترجع إلى التصوير يقول في ذلك.
"إن مناقضة الشاعر نفسه في قصيدتين أو كلمتين، بأن يصف شيئًا وصفًا حسنًا، ثم يذمه بعد ذلك ذمًّا حسنًا بينًا غير منكر عليه، ولا معيب من نعله، إذا أحسن المدح والذم، بل ذلك يدل على قوة الشاعر في صناعته واقتداره عليها2".
وفي مكان آخر ينتصر اللفظ والصورة، ويقدمها على المعنى والمادة، فيرى أن