ما يحتاج إلى دفة وبراعة، وعلى الشاعر بعد اختيار الألفاظ والمعاني الكريمتين أن يختار لكل كلمة موقعها من الصورة" لتستمر في مكانها المخصوص لها، وكذلك القافية لا بد أن تقع في نصابها، وتتوازن مع نظائرها وتنشأ كل مع أخواتها، وبذلك يصير كلٌّ من الكملة والقافية غير قلق في مكانه، ولا نافر من موضعه، وغير مكره على اغتصاب ولا مضرب في غير أوطان.
وإذا لم يتيسر للشاعر التناسب في الصورة الأدبية الوحدة الفنية بين الألفاظ فيها بحيث لا توافق الكلمة أختها، بأن تعبّر إحداهما عن العشق والصبابة والأخرى عن الحماسة والفخر، مما يهلهل النسج، ويضعف التماسك، وعلى الشاعر حينئذ خوفًا من الخلط والاضطراب أن يترك العمل الأدبي يومًا أو ليلة، حتى يستطيع أن يحكم النسج، ويضع كلًّا في مكانه المناسب، فتقع الكلمة مع أختها، لا مع الغريبة عنها وبذلك يتم التلاؤم بين أجزاء الصورة، ودور الصياغة المنثورة، وتتحقَّق الوحدة الفنية فيها.
وليسمها بشر بن المعتمر بين الكلمات، وتوافق في القوافي، حين تأخذ الكلمة موطنها وتتلاءم القافية مع أخواتها فيتحقق من عناصر الصورة دلالة الألفاظ في مدلولها وبموسيقاها على غرض الشاعر، وقد أخذ اللفظ والقافية مكانهما من النظم أو البيت وليسمّها النقاد اليوم الوحدة الفنية أو العضوية، مما يدلّ على التناسب بين الكلمات في التركيب، والتلاؤم بين الأجزاء في التصوير.
ويتحدث أبو سهل عن الدعامة الرابعة للصورة الأدبية، أو عن النظم والتأليف.