الرديئة التي تنزل بالأدب عن منازل الحذق والمهارة، والطبع والقريحة، فيهوى بها إلى الصنعة والكلفة، وتمجّه الأذواق السليمة.

ومثل هذا الرجل الذي لم تأتِ إليه الصياغة طوعًا لأول وهلة، قد لا يحرم من موهبة الأديب، ولا من طبيعة القول البليغ الذي شابه شيء من صنعة المتأدّبين، مثل هذا المتأدّب، قد تتحرك فيه العاطفة الصادقة بعد فترة قصيرة، فيستجيب له اللفظ الذي يتناسب مع المعنى، وتخضع له التراكيب التي تتلاءم مع الغرض، وإن واتته على مهل، وطاوعته بعد عصيان فنزل أدبه إلى درجة التوسط بين الجيد والرديء.

فإن استعصى على الرجل هذا اللون الثاني من الأدب أثناء المحاولة بعد فترة قليلة من الزمن، والذي لم يخل من الصنعة المهذبة، فكان اللفظ قلقًا، والكلمة ناشزة، والقافية مضطربة، والتراكيب تستعصى على المعاني، وتتنافر مع الأغراض فيصير أدبه رديئًا، يجرد صاحبه من الأدب، وعليه حينئذٍ أن يترك الأدب، ويتجه إلى صنعة أخرى تتناسب مع ميوله وغريزته، وينزل عند حرفة أخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015