حيث يرتقي إلى الدرجات الرفيعة من البلاغة، وذلك إذا تراشق الأسلوب عنده باللفظ الخفيف على اللسان، وبالكلمة اللطيفة في الصياغة، فتسيل عذوبة، وتختال رشاقة، ويحسبها القارئ فخمة عند النظر إليها، فإذا بها تنساب إلى النفس سهلة عند التعرف عليها.

وذلك لأن المعاني ظاهرة للأبصار، والأفكار واضحة للأفهام، قريبة إلى أنفس العلماء والأدباء، فيبلغ بها الأديب أعلى المنازل، فتنحني أمامه طرائق التعبير، وتذوب على لسانه توعر الكلمات، وتسهل لديه بيداء الأساليب، فينسج من الأدب لونًا واحدًا، يقع من نفوس الجميع موقعًا بليغًا، لا يخفى على الدهماء، ولا ينكره البلغاء.

فإن حرم الأديب المنزلة الأولى، التي اجتمعت لها خصائص الأدب الرفيع من أول وهلة، وأحس بأن اللفظة قلقة في التعبير، والكلمة ناشزة في الأسلوب، والتراكيب تموج بالقلق والاضطراب، وندت الفقرات عن مواقعها ونفرت العبارات من قرارها، ووقعت القافية من البيت موقعًا قلقًا، وسارت إلى غير مركزها في القصيدة، يكرهها الشاعر على اغتصاب المواقع في التصوير، وتنزل من الأسلوب في غير موطنها الدقيق واللائق بها، وغير ذلك من الصفات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015