الأخلاق ظهرت منهم أمور لا تظهر إلا من السفهاء من الظلم والاعتداء، وإذا جاءت نائبات الذل كاد أن تسوء أخلاقه وينخلع من دينه هرباً من الذل وإقامة لجاهه، وفي موضع إذا دارى وهو مُداهنة، ولو كان صادقاً لكفاه الله عز وجل، وإذا جاءه موضع الرزق فكأنه لم يسمع قوله تعالى: (وَما مِنْ دابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها) فتراه مهتماً محزوناً كئيباً قنطاً عن سياق الله عز وجل ذلك إليه، وإذا جاء موضع الرئاسة فُرد عليه قوله اشمأز وغضب إلى أن قال: فهو عند نفسه صاحب عبادة وصمتٍ وصلاة وبالباطن خرابٌ يقدم على الله تعالى وفيه هذه العُيوب الباطنة، وهو غير ثابت فيها لأنه لم ينتبه لها، وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب.
قال: وأما الصنف الآخر فترك العيوب الظاهرة وانتبه إلى العيوب الباطنة، وأقبل على النفس الأمّارة فراضها حتى تركت هذه الأخلاق، وجاهدها حتى أذعنت، وصدق في مجاهدتها حتى استقامت فقدم على ربه طاهراً متطهراً تائباً نازعاً عن العيوب الظاهرة والباطنة. انتهى كلامه وأقول: