وأقول: إن هذه الدماء التي تراق في بلاد المسلمين، وهذه الشعوب التي تباد بأسرها ليست من شأن الأفراد، فالله عز وجل لا يحاسب الفرد لم ترك المسلمين يموتون ويقتلون وتبقر بطون الحبالى في كوسوفا أو في البوسنة أو في فلسطين أو في كشمير أو غيرها؟ وإنما سيسأل الحكام عن ذلك؛ لأن هذه مسئوليتهم، ولا فكاك لهم أمام الله عز وجل إلا أن يرفعوا راية الجهاد، ولو رفعوها حتى كذباً لاندحر العدو في بيته، وصدق النبي عليه الصلاة والسلام حين قال: (ونصرت بالرعب مسيرة شهر)، فلو أن العدو سمع بجيش المسلمين الذي يبعد عنه مسيرة شهر لانهزم نفسياً في عقر داره؛ لأنه يعلم أن المجاهد حقاً إنما أراد إحدى الحسنيين: إما النصر وإما الشهادة، إما النصر في الدنيا والغنيمة، والعيش غنياً بعد أن كان فقيراً، وإما أن يعيش في غنىً دائم في جنة عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فالعدو يعرف هذا، وكثير من المسلمين -للأسف- لا يدركون هذه الحقيقة، أما دماء المسلمين في الداخل فالمسئول عنها جهات متعددة، فقد يدخل فيها الأفراد؛ لأن الأفراد تمتد أيديهم كذلك بالقتل، ولا نعدم صحيفة أو مجلة كل يوم إلا وفيها: أن فلاناً قتل أباه يتعجل الميراث، أو أن فلاناً قتل أمه، وامرأة قتلت زوجها، وزوجاً قتل امرأته، مع أن ذلك كله ليس من أخلاق أهل الإسلام.