قال عليه الصلاة والسلام: (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم)، فحرام تبذير وإسراف المال، ووضعه في غير موضعه، وحيازته من غير طريق شرعي، وإنفاقه في غير ما أمر الله، وحرام نهب أموال المسلمين جميعاً وعلى رأسها أموال البترول التي هي ملك للأمة جميعاً، لقد أخذوا بضاعتنا وتفاخروا علينا بعد ذلك بمدنيتهم وحضارتهم، ونسي هؤلاء أنه لولا نحن ما كانوا هم، وكان بإمكاننا أن نمنع عنهم البترول، لكن تلك العقول السخيفة التي عاشت لنفسها ولشهواتها تأنف أن تستثمر أموالها في بلاد المسلمين، وإنما تستثمرها في أمريكا أو في سويسرا أو في أي بنك ربوي من بنوك العالم الغربي، ولو نظرتم إلى تلك الحرب المصطنعة التي نشبت في أرض الجزيرة في التسعين على يد الغاشم المجرم صدام حسين، واعتدائه على العزل والأرامل، بل والمرفهين والمترفين في الكويت، لوجدتم في أعقاب ذلك -بل في أثناء الحرب- أن رجلاً من الكويت سافر إلى بريطانيا وتصدق بعشرة ملايين دولار لحديقة حيوانات في لندن! فأي نصر نرجو؟! وأي تأييد وتمكين ننتظر إذا كانت العقول هكذا؟! قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه)، إن بعض المسلمين اليوم أصيب بتخمة عظيمة جداً من كثرة المال لا علاج لها، وإن كثيراً من المسلمين أصيب بضعف وهزال وأنيميا لا علاج لها قط، مع أن هذا من فرائض الإسلام، والنبي عليه الصلاة والسلام لما أرسل معاذاً إلى اليمن قال: (يا معاذ! إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله عز وجل فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإن هم أجابوك لذلك، فأخبرهم أن الله عز وجل افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم) فأين الأغنياء؟ بل أين الأثرياء؟ أين أصحاب الملايين والمليارات؟ أين هم من اليتامى والمساكين والأرامل وذي الحاجة وابن السبيل؟ أيعيشون في غفلة؟ أم أنهم أفقه من النبي عليه الصلاة والسلام؟! أم أنهم يردون ما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله؟! فليختاروا لأنفسهم أي ذلك شاءوا، فإنهم معرضون وبعيدون عن الله عز وجل، لا تزول أقدامهم في موطن الحساب إلى الجنة إلا أن يأتوا بين يدي الله عز وجل بجواب سديد، فليختاروا لأنفسهم ما شاءوا.