العلم في هذه الديار، فلا قاضٍ ولا محكّم ولا مفتٍ ولا راوٍ إلاّ وهو ينسب إليه، قدّمه لذلك سنه وعلمه وجاهه الموروث، والحظوةُ لدى السلطان، والترفع عن السفاسف، وتعميم العلم في عشيرته وأهله، وإنزالهم له منزلة اليعسوب من النحل والقطب من الرحى، إلى حبّ صحيح في آل البيت الطاهرين، وانتماء خصوصي واعتقاد كبير في طريق القوم ورجالها وذبّ عن تعاليمها وأعمالها وأحوال أهلها، حسبما تنطق بذلك فتاويه وتقاريره ومؤلفات أولاده. يروي رحمه الله عامة عن عمه أبي حامد العربي بن يوسف وعم أبيه أبي زيد عبد الرحمن وأبي القاسم بن أبي النعيم الغساني وهو أعلى شيوخه إسناداً، ولم أقف له على مجيز.
دوّن له رحمه الله حواشي على الصحيح جمعت من تقاريره، فيها فوائد وتحصيلات وكان قائماً على الصحيحين انتساخاً وسماعاً وإسماعاً واعياً لمخابئهما، مستحضراً للجمع بين مشكليهما، مقرراً لمضامنهما بلسان الفقه والتصوف والحديث. وانتهت إليه رياسة الأخذ فيهما بفاس والمغرب. قال القادري في " مطلع الإشراق " بعد أن ذكر أن رياسة الحديث انتهت في فاس لسيدي رضوان الجنوي ثم لتلميذه القصار ثم لتلميذه العارف الفاسي ثم لتلميذه المترجم قال " فكان صاحب وقته فيه، فهي من سيدي رضوان إليه سلسلة الذهب والتبريز في علم الحديث رواية محدث إمام عن محدث إمام "، اهـ. وقال حفيد ولد المترجم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي في " المورد الهني في أخبار أبي محمد عبد السلام القادري الحسني ": " مرجع سائر الشيوخ المذكورين من أشياخ القادري فيما ذكر لي الشيخ عبد القادر الفاسي فهو القطب الذي عليه المدار الذي يستقر به القرار "، اهـ. قال أبو عبد الله محمد بن الطيب القادري في تاريخه الكبير في ترجمة أبي الحسن علي الحريشي: " استجازه شيخنا سيدي أحمد بن مبارك السجلماسي عن سيدي عبد القادر الفاسي عن عم أبيه سيدي عبد الرحمن عن القصار صحيح