بالإجازة العامة لأهل عصره، عن مولاي الشريف، عن العلقمي عنه ولا أعلى من هذا السند الآن، لأن بيننا وبين وفاته أربعمائة وثلاثين سنة، وبيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيها ست عشرة واسطة. وأعلى من ذلك ما حصل لنا في ثلاثيات البخاري، فإن بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيها أربع عشرة واسطة فقط، وهذا لا أعلى منه في الدنيا.
ومن العجائب أني وقفت بمراكش على نسخة من " فتح الملك ناصر في إجازات بني ناصر " لمحمد المكي بن موسى الناصري بخطه، فلما ساق عشاريات السيوطي بواسطة إجازة البرهان إبراهيم السباعي لأبيه كتب عليها العلاّمة المؤرخ محمد الصغير الافراني المراكشي بخطه ما نصه ومنه نقلت: " هذه العشاريات التي أفردها السيوطي بالتأليف سبقه لها أبو حيان، والعجيب من السيوطي كيف ينسبها لنفسه، قاله محمد الصغير الافراني "، اهـ. وهذا غريب، كأن الافراني رحمه الله لم يتصور الأمر كما هو وقت كتبه لما ذكر، فإن السيوطي وصلها بأسانيده فصار لخ بحصولها له عشارية غاية الفخر، إذ حصول العشاري للسيوطي وهو في القرن العاشر أعجب وأفخر من حصوله لأبي حيان وهو قبله بقرون، ولو صحَّ الانتقاد على السيوطي بتخريجها لانتقد على أبي حيان أيضاً لكون الطبراني سبقه إلى إخراجها في معجمه. ولعل الافراني ما طالع خطبة كتاب " النادريات ". وقد فهم الأمر على وجهه الشهاب ابن إبراهيم الدكالي الفاسي صاحب " سلسلة الذهب " فإنه كتب بهامش رسالة السيوطي: " هذه الأحاديث الثلاثة بعينها ثمانيات لأبي حيان أوردها الشيخ المقري في ترجمته في تاريخ الأندلس " (?) .
وقد وجدت عشاريات السيوطي في بعض المجاميع تحت عنوان " الكواكب السيارات في الأحاديث العشاريات " ثم وقعت لي منها نسخة أخرى عتيقة