ولذلك اعتنى أهل الحديث بتخريج عواليهم وأعلاها، وأرفعها في الدرجة وأسناها، فخرجوا الثلاثيات ثم الرباعيات ثم الخماسيات ثم السداسيات ثم السباعيات ثم الثمانيات، وكلها قبل السبعمائة، وخرجوا بعد السبعمائة التساعيات والعشاريات وممن خرجها قبل الثمانمائة حافظ العصر شيخ شيوخنا زين الدين العراقي، ووقعت بعده العشاريات لجماعة منهم حافظ العصر شيخ الإسلام الشهاب ابن حجر، وقد منّ الله علي بالاسناد العالي مع تأخر اشتغالي بالحديث، وكون زماني ممن وقع لهم العشاريات بعيداً غير حديث، فكان أكثر ما يقع لي غالباً أحد عشر ولا شك في ارتفاعه وعلوه، فإنه إذا لم يقع للحافظ العراقي إلاّ العشاري يكون لنا اثني عشرياً إذ يكون هو الحادي عشر والراوي لنا عنه الثاني عشر، وقد فحصت بعون الله فوقع لي أحاديث بسيرة عشارية فوقعت مني موقع الزلال من الصادي، بل ثلجت ثلج الضال في المهمة ببزوغ الهادي، فخرجتها في هذا الجزء وسميته " النادريات " ثم ساقها، وهي في نحو ورقتين. وقد أثبت هذا الجزء بتمامه الشيخ أبو سالم العياشي آخر ثبته " مسالك الهداية " قائلاً إنها أعلى ما رويت بل أعلى ما يروى في زماننا هذا، لأن بيننا وبين السيوطي واسطتين، وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عشر وسائط، فيكون بيننا وبين حبيب الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر رجلاً، ولا شك أن هذا أعلى ما يوجد، فإن شيخ مشايخنا القصار قال: أعلى ما حصل له في ثلاثيات البخاري أربعة عشر رجلاً فرأى أنه حصل له بذلك فضل كبير وخير كثير، كذلك في ثنائيات الموطأ وقد ذكر ذلك في فهرسته ثم ساقها بنصها راوياً لها عن الشهاب الخفاجي عن البرهان العلقمي عن السيوطي، اهـ.
قلت: وتحصل لنا هذه العشاريات السيوطية، لكن منها ما هو مروي بالإجازة العامة بستة عشر، لأن بيننا وبين السيوطي خمسة وذلك عن المعمر أحمد بن صالح السويدي، عن الحافظ مرتضى الزبيدي، عن ابن سنة الفلاني