ناصر يعمر ما بين الظهرين دائماً في أيام السنة بقراءة الكتب الستة دراية، فكلما ختم واحداً ابتدأ آخر، وفي رمضان يعود لسرد البخاري على عادة ابن غازي، فتابعه الشيخ على ذلك، وكان يتولى ذلك بنفسه أو بعض العلماء من أولاده وتلامذته، لا ما أفضى إليه الزمان اليوم من سرده على الحالة التي وصفنا، ولعلها هي السبب في إنكار سرده بتمسل وتر غليل وغيرها من مداشر درعة زمن الدولة الإسماعيلية، فأمر مولاي محمد أو مولاي الشريف الشك مني عن أمير المؤمنين بمنع أهل الوادي من قراءته عدا الشيخ سيدي أحمد ابن ناصر ومن بدائرته من العلماء، أبقاهم على ما هم عليه لما علم من علمهم وأهليتهم لصلاحيتهم إذ ذاك. وفي نزهة السيد أحمد بن عبد القادر التاستوني سؤال وجواب فيما يقرأ إذ ذاك بدرعة بتر غليل وغيرها، أرعد المجيب وأبرق في منعهم من القراءة، وأظن المجيب أبا علي اليوسي فليراجع "، اهـ.
وفي " المزايا " أيضاً: " كتب الإمام أبو محمد عبد القادر الفاسي إلى الشيخ ابن ناصر إذ ذاك: نعتقد أن الطائفة المشار لها في حديث الصحيح: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى قيام الساعة، عندكم. ونقل الإمام ابن ناصر أن الشيخ أبا محمد المذكور قال لأولاده وتلامذته في ابن ناصر وأتباعه: فاتنا أولئك القوم بالسنّة، فقال ابن ناصر في جواب القائل: وهم فاتونا بالأدب، يريد تعاطي فنونه "، اهـ باختصار.
وحج المترجم مراراً، كان في كل وجهة يأخذ عن غالب من يلقى، ويروي عامة عن أبيه وأبي سالم العياشي والكوراني وعبد الله بن سالم البصري، ولعله آخر مشايخه بالحجاز، وعلي الزعتري والعناني ومحمد بن القاسم البقري وغيرهم. له فهرسة نسبها له القادري في تاريخه الكبير في ترجمة جده ولم أرّ ذلك لغيره، ثم وجدت صاحب الصفوة لما ترجمه قال: " وبقية أخباره في الكتب الإسلامية والدواوين العلمية نطلب من فهارسه "،اهـ