وهذا ظهر لنا الاقتصار عليه، وإلا فلو أردت استيعاب ما وصل إلي من طرق الآخذين وذكر إجازاته بخطه التي في ملكي لاحتجنا إلى كراريس، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، وفي النية إفراد هؤلاء الحفاظ المتأخرين بترجمة كل على حدة، وهم المترجم والحافظ العراقي الفاسي وتلميذهما الناصري، أستوعب فيها تراجم أصحابهم والرواة عنهم وذكر اتصالاتنا بهم على أتم وجه يسر الله آمين. وفي " الاشراف " للقاضي ابن الحاج " أن ترجمته مبسوطة في كتابنا " نيل السرور والابتهاج " اه.
وفي " تذكرة المحسنين في وفيات الأعيان وحوادث السنين ": " حدثني الفقيه العلامة سيدي محمد بن سعد التلمساني أن الشيخ المذكور لما توفي قومت كتبه بخمسة وعشرين ألفاً فبلغ الخبر إلى السلطان التركي فقال: لقد بخستموها، فجعل لها خمسة وسبعين ألفاً وجعلها حبساً على طلبة العلم بمصر. وكان صاحب الترجمة بعث له سلطان المغرب يعني سيدي محمد بن عبد الله صلة جزيلة مع شيخ الحجيج، فلما بلغته الرسالة ومكنه منها قال له: إني سائلك هل علماء المغرب يستوفون حقهم من بيت المال قال: نعم، قال: فهل أشرافهم وضعفاؤهم ليس بهم خصاصة فسكت وقال: لا يحل لي أخذ شيء من ذلك وإني في غير إيالته، ثم رجع بها لمحله، وبعد مدة من شهر أو أكثر طلبه وقال له: ادفع المال لرجل عينه وأمره أن يبني به مسجداً ففعل، ويعرف بزاويته إلى الآن يقام به الذكر ونوافل الخيرات، اه ". (وانظر ما يتعلق بهذه الصلة ورد المترجم لها في ترجمته من عجائب الآثار) .
مهمة: لما أوتيه المترجم من سعة المدارك وقوة الحافظة وعظيم المشاركة وبعد الصيت وكثرة التأليف وعظيم التلاميذ كثر حسدته وأعداؤه إلى الآن وقد قال السيوطي: " ما كان كبير في عصر قط إلا كان له عدو من السفلة، إذ الأشراف لم تزل تبتلى بالأطراف " وقال الحافظ ابن حجر: " ما علمت عصراً سلم أهله من ذلك غير عصر الصحابة والتابعين، اه " وفي ذلك وقفة كما يعرف من طالع أخبار ذلك العصر أيضاً، ولعله أراد الأكثر والغالب