حيان والجافظ البرزالي وغيرهم من حفاظ المشرق والمغرب، كلهم عنه. قال العبدري: " لما استجزته ولولدي محمد وقف على الاستدعاء لذلك فقال لي: ألك غيره فقلت: نعم ثلاثة، فقال: ولم لم تستجز لهم جميعاً فقلت له: لأنهم صغار وهذا الذي استجزت له حفظ القرآن، فقال لي: أنا أكتب لك ولهم جميعاً حتى يكون من يكتب في الاستدعاء بعد خطي يجيزكم جميعاً، فكتب الإجازة بكل ما يحمل وكل ما له من تخريج لي ولجميع الأولاد وكنى أحد المحمدين أبا عليّ والآخر أبا بكر، وقيد خطه بذلك في الاستدعاء ".
قلت: انظر حرص هذا الإمام حافظ الإسلام على تعميم الإجازة لأولاد العبدري رغبة في تعميم الخير وتوسعة على الناس، وهذا باب قد طوي اليوم بساطه وانعدم نشاطه، ولله في خلقه ما أراد، وقد جريت على ما أحب الدمياطي، فاستجزت لأولادي من كافة من لقيت، وربما كنت أجد صعوبة من بعض المشايخ في التعميم، وقد قال الإمام أبو العباس أحمد البوسعيدي في كتابه " بذل المناصحة ": " توسع بعض الناس في الإجازة سيما المحدثون فمنهم من يجيز أهل مجلسه، ومنهم من يجيز أهل البلد وأهل العصر، ويقولون بالشرط المعتبر فيوسعون لمن أدرك الدرجة أن يحدث إذا حصل الشرط ولو لم يره ولا لقيه، الحاصل أن مطلق الإجازة عندهم لا يدل على الإتقان ولا على الدراية، وإنما توسعوا مجازاً إعادة وإدماجاً وإدراجاً لمن حصل الشرط ولو بعد حين، فمن تنتقل به القدم تقدم وإلا فلا يتكلم، وقلت مرة لسيدي عبد الواحد ابن عاشر: هؤلاء الذين تجيزون لهم شهدتم لهم بالإتقان فقال: لو لم يجيزوا إلا لمن أتقن ما بلغنا شيء " اه منها.
قلت: وهذه الإجازة هي أغلب ما يصدر منا، فقد أجزت لكثيرين إجازة قصدنا بها إباحة الرواية، فاستعملوها بمعنى الشهادة، وصاروا يدلون بها للتصدير وانالة الوظائف لأن هذا أغلب ما يعرف المغاربة من الإجازة ومعناها، وليس ما يريدونه ويقصدون ويفهمون منها هو المراد عند أهل هذا الشأن