...
ب- مدرسة الجريدة:
ترتبط مدرسة "الجريدة" بمعلمها لطفي السيد، كما ترتبط بتيار التجديد في البيئة الصحفية العامة قبل صدور "الجريدة", حين أتمَّ لطفي السيد دراسة الحقوق سنة 1894, وأنشأ مع زملائه: عبد العزيز فهمي وأحمد طلعت وحامد رضوان ومحمد بدر الدين والدكتور عبد الحليم حلمي وعلي بهجت ومحمد عبد المطلب جمعية سرية غرضها "تحرير مصر"1, ويتبين هذا الارتباط من الالتقاء الفكري والحياتي مع الأستاذ الإمام وقاسم أمين وسعد زغلول2, والذي ظهرت إرهاصاته الأولى في مجلة "الموسوعات" التي أنشأها محمود أبو النصر، حين نشر لطفي السيد مقالًا بعنوان "مشخصات الأمة"3 نادى فيه بإصلاح الحروف العربية، وأشار إلى طائفة من الآراء الإصلاحية الأخرى4.
على أن اتجاهات التجديد التي ذهب إليها لطفي السيد والتي تمثلها الجيل الجديد، إنما ترتبط باشتغاله بالصحافة في المحل الأول، في جريدة "الجريدة" التي انتخب مديرًا لها ورئيسًا لتحريرها لمدة عشر سنوات5, وكان من الممكن ألّا تترك "الجريدة" تأثيرها في الجيل الجديد والجيل الذي تلاه إن لم يكن محررها لطفي السيد بطبعه رائدًا ومعلمًا أكثر منه صحفيًّا وسياسيًّا، فإنا لا نرى صحيفة من الصحف المصرية قبل الحرب العالمية الأولى قد عُنِيَت بالمجتمع المصري عناية الجريدة به6. الأمر الذي جعل من "الجريدة" مدرسة فكرية لها روَّادُها وتلامذتها بفضل محررها الذي خرج بها من النطاق الحزبي الضيق إلى آفاق أرحب من التوجيه والإرشاد والتثقيف, فأصبح لطفي السيد بحقٍّ معلم هذا الجيل7.