"دولتلو أفندم رئيس الجامعة المصرية.
أرفع إلى دولتكم, وإلى مجلس الإدارة أني كنت قد طلبت إلى الجامعة الإذن لي في أن أكون من إرساليتها في أوربا, فرفض المجلس هذا الطلب في جلسته الأخيرة؛ لأنه يخالف الإرسالية. وإني لأعلم حق العلم قبل أن أرفع طلبي ذلك إلى دولتكم, وإلى المجلس أنه يخالف القانون؛ ولأني طلبت الاستثناء ورغبت فيه لما بيَّنت في ذلك الطلب من رغبتي في العلم, وحرصي على خدمة الجامعة, ولما اكتسبت بفضل الجامعة عليّ من المزايا التي تؤهلني لبلوغ هذه المنزلة، ولست أنكر على المجلس رفضه لهذا الطلب, فإنه لم ينفذ إلّا القانون, وما كان تنفيذ القانون بالأمر الذي يُنْكَر أو يُعَاب، غير أني أعيد هذا الطلب إلى المجلس راغبًا في أن يعيد النظر فيه، فإنه لم يرفض ذلك الطلب بالماضي إلّا لأمرين مجتمعين, أو كلٍّ منهما على حدة.
"الأول: أني لا أحمل الشهادة الثانوية لأني مكفوف البصر، ولكن المجلس أجلّ عندي من أن يحسب لهذا الأمر حسابًا، فإنه لا يمنعني أن أكون طالبًا وأستاذًا, بدليل أن المجلس نفسه يقبلني طالبًا منتسبًا في الجامعة؛ أسمع دروسها, وأجوز امتحاناتها, وأنال شهاداتها. وإذا كانت الطبيعة قد حالت بيني وبين كثير من نعيم الحياة، فما ينبغي أن تكون الجامعة عونًا للطبيعة على حرماني لذَّة الانتفاع بالعلم والنفع به، مع أنها تعلم أني على ذلك أقدر ما أكون.
"الثاني: احتياج الجامعة إذا أرسلتني إلى أن تنفق عليَّ أكثر من نفقتها العادية على طلابها في أوروبا, وأنا أعترف بأن للجامعة الحقَّ في تقدير هذا المانع المالي ومراعاته, وأن لها ألا تشتري خدمتي بهذا الثمن الغالي؛ لأني لا أستحقَّه؛ ولأنها لا تجده.
"ولذلك أتشرف بأن أرفع إلى المجلس من جديد أني لا أطلب من النفقات إلّا المقدار الذي يطلبه غيري من الطلاب, وعلي أن أقوم بما أحتاج إليه مما يزيد على هذا المقدار، فلعلَّ ذلك كله يشرفني بقبول المجلس طلبي هذا مقدار حرصي على