أحضان السلام، ولم لا؟ وأين وجدت الأخوة الذين لا يختلفون، ومتى رأيت الأشقاء الذين لا يختصمون، وإنما الحياة سبيل إلى اتفاق الرأي حينًا، واختلافه أحيانًا، ولا سيما حين تكثر المغريات، وحين تتيح الحظوظ للأصدقاء الأصفياء أن يقوى بعضهم, ويضعف بعضهم الآن, وأن يعز منهم فريق, وأن تمتلئ أيدي جماعة منهم بالخير، وتصفر أيدي جماعة أخرى من كل شيء, والأحزاب المؤتلفة في الحكم إنما تتألَّف من أفراد؛ فيهم فضائل الناس ونقائصهم, فهم يتفقون على المصالح العامة التي لا تضر أشخاصهم، وهم يختلفون عند المصالح الخاصة التي يمكن أن يفيدوا منها مالًا وجاهًا قليلًا أو كثيرًا.."1.
ثالثًا: الوحدة المحورية - وحدة المناقشة
وهي التي تمثِّل صلب المقال الصحفي، حيث تقوم على استقراء الشواهد والأحداث الخبرية، ومقابلتها بالفِكَرِ المحورية المستقاة من النبأ الجديد، بهدف استخلاص دلالات جديدة منها, ويتوسَّل طه حسين في بناء هذه الوحدة المحورية بوسيلتين هما:
1- استخدام الأمثلة والشواهد, وقد عرضنا لهذه الوسيلة عند الحديث عن المقال الرئيسي.
2- استخدام المقارنة أو المقابلة بهدف استخلاص دلالات جديدة في ضوء الحركة العامة للأحداث من خلال أسلوب استقرائي في التحليل، كما سبق تفصيل ذلك عند الحديث عن المقال التحليلي.
رابعًا: الدلالة أو الخلاصة
وهذه هي الوحدة الأخيرة في بنية المقال, ويتوصَّل الكاتب إلى استخلاصها عن طريق:
1- المقارنة أو المقابلة بالأحداث الخبرية المماثلة.
2- المقابلة بالأحداث الخبرية الأخرى التي قد تكون متماثلة أو غير متماثلة، ولكن هذه المقابلة تتم في إطار الحركة العامة للأحداث.
ونخلص مما تقدَّمَ إلى أن المقال الصحفي عند طه حسين بأشكاله المتنوعة, والتي عرضنا لها في هذا البحث، يتسم في تحريره بطابع الأسلوب الاستقرائي، الذي يتوسَّلُ به طه حسين في أداء الوظائف الصحفية للمقال، واستثارة الاهتمام بالأفكار التي يتضمَّنُها موضوعه وأسلوبه في عرض تلك الأفكار، فهو يستخدم لغة صحفية تتسم بالوضوح والتميز، ويتوخَّى بلهجة المرجع الثقة، وبذلك يعمل على التخفيف من رد الفعل الناجم عن التسرع,