وهو العنصر الذي يستوحي فيه الكاتب خياله، ويستعين به في عملية "المسخ" المشار إليها، وكثيرًا ما يتوسَّل إلى ذلك بكلام القدماء، وأهاجي الشعراء، وحكايات العامة, أو نحو ذلك، وأكثر من ذلك أننا نجد في مقال طه حسين تحويلًا لهذا الكلام من معناه الأصلي الذي وضع له, إلى المعنى الجديد الذي أراده لمقاله الكاريكاتيري. ومن الأمثلة على ذلك أن طه حسين في سخريته من الوزارة الصدقية، استشهد بقول الشاعر القديم للحجاج1:
أسد عليَّ وفي الحروب نعامة ... فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى ... بل كان قلبك في جناحي طائر
"نعم لم يرع هؤلاء الوزراء الذين أفشوا سرَّ محلهم، وأذاعوا حديث رئيسهم، بكرامة الوزارة وكرامة الدولة معًا, وليس لذلك كله مصدرًا إلّا أن هؤلاء الناس قد كُلِّفُوا من الأمر ما لا يطيقون، وحُمِّلُوا من مناصب الدولة ما لم يهيأوا له، ولا ينبغي أن يؤتمنوا عليه، فإن الوزير الذي يلم به من الأمور السياسية ما يكره، فلا يملك نفسه أن يذيعه، ويتحدث به إلى الناس، ويلم به من الأمور السياسية ما يحب فلا يملك نفسه أن يتحدث به ويذيعه, هذا الوزير خليق أن لا يظل في منصبه يومًا أو بعض يوم؛ لأنه قد أقام البرهان لا يصلح للوزارة، ولا ينبغي أن ينهض بأعباء الحياة العامة2".
على أن الاتجاه العام عند طه حسين في استخدام عنصر التشبيه والتمثيل، يتجه إلى استيحاء الواقع الملموس، والاعتماد على الشواهد العملية في الحياة السياسية والاجتماعية، ومن ذلك مقال يشبه فيه الوزراء بأنهم "غرابيل3.." كما جاء في عنوانه, يقول: