الصوتي، وإطلاق العنان للغة، كما يقول برجسون1، ذلك أن عنصر التوليد اللغوي هو في صميمه عملية ذهنية تخفى تحت قناع "التلاعب بالألفاظ", نزوعًا خفيًّا يحاول أن يتستَّر تحت رداء المعنى المزدوج.
ومن أمثلة استخدام هذا العنصر في المقال الكاريكاتيري عند طه حسين، مقال بعنوان: "بم يخفق البرق"2 يقول فيه:
"يظهر أن البرق يخفق, ويخفق خفوقًا شديدًا, شديدًا وكثيرًا, ويظهر أن الأسلاك تضطرب, وتضطرب اضطرابًا عظيمًا, عظيمًا وسريعًا. البرق يخفق, والأسلاك تضطرب, وهناك أمور ذات بال يخفق بها البرق وتضطرب بها الأسلاك بين لندرا والقاهرة. والأمة واقفة موقف من يجهل كل شيء. تسأل فلا تجاب، وتتكلم فلا يعنى أحد بما تقول"3.
ثم يقول في وصف العلاقة بين الصحف والمؤسسات السياسية التي تعبر عنها:
"ثم تناقض فيها الوحي واضطرب وكثرت فيها اللغات واختلفت, فلم يعرف الناس من أمرها شيئًا. ولم يستطع أحد أن يتبين فيها للحكومة رأيًا"4. ثم يستطرد إلى أن يقول من خلال العمد إلى توليد المعاني:
"أليس من الممكن أن يكون هذا الوحي الغريب قد نظر إلى الأمر كما تنظر الأم الفقيرة المعوزة العاجزة إلى طفلها الجائع, فهي تعلله وتغَنِّي له بما سيلقاه بعد حين من الحلوى والسكر ومختلف ألوان الطعام؟ كلا! ليست الأمة المصرية طفلًا, وليست الوزارة المصرية فقيرة ولا معوزوة ولا عاجزة, إنما هي وزارة فنية ثرية قادرة تقلدت مناصب الحكم, معلنة أنها ستعمل, ولم تعلن هذا إلّا وهي معتقدة أنها قادرة عليه. ليست الأمة طفلًا, وليست الوزارة عاجزة, فالأمة تطالب بالعمل وتنتظر نتيجة العمل, وهي تفهم حق الفهم ما تطالب به وما تنتظره، والوزارة قادرة تريد أن تعمل, ومن الممكن أن تعمل. ومن الممكن أن تظهر نتيجة عملها غدًا أو بعد غد. وإذن فمن الممكن أن تكون هناك خطة سياسية جديدة, وأن يخفق بها البرق وتضطرب بها الأسلاك, فما هذه الخطة وما موضوعها؟ "5.
ومن نماذج هذا العنصر في مقاله طه حسين أيضًا، ما نشره في "حديث المساء" بعنوان: "مناظرة بين بحر ونهر- بمناسبة موضوع الإنشاء في الشهادة الابتدائية"، إذ يتخذ من هذه المناسبة مجالًا لتوليد المعاني