أمور الدولة تحت إشرافه البارع، وفي ظلِّ سياسته الحكيمة، وطلابٌ مفصولون إما لأنهم أسرفوا في النجاح! أو لأنهم أسرفوا في الإخفاق أثناء وقت الدراسة والتمرين، وهم هؤلاء الوزراء الذين ينقلون أو يقولون أو يستقبلون، فمنهم من يعمل في سفارات الدولة، ومنهم من يستريح في بيته، وأولئك وهؤلاء ينتظرون أن يحتاج رئيس الوزراء إليهم، فيردهم إلى المدرسة ليستفيد من كفايتهم, أو ليدربهم ويمونهم مرة أخرى.
"وأما هيئة التعليم في المدرسة ففرد واحد جمَّع الله فيه أفرادًا، وشخص واحد ألَّفَه الله من أشخاص، وكفاية واحدة صافّها الله من كفايات، وهذا الفرد المتحد المجتمع، وهذا الشخص المؤتلف المختلف، ذو الكفاية المحصورة الملتوية، هو حضرة صاحب الدولة رئيس الوزراء. وقد يعينه أساتذة مساعدون كما يقول الجامعيون، وقد يعينه مدرسون أيضًا، وهؤلاء الأعوان يختلفون، فبعضهم من المصريين، وبعضهم من الإنجليز، وبعضهم من الأوربيين بوجه عام1"، ثم يمضي طه حسين في هذا الكاريكاتير المقالي فيقول:
"وأما أمد الدراسة في هذه المدرسة فيختلف طولًا وقصرًا، ويختلف عرضًا وضيقًا، باختلاف ما يستمتع به الطلاب من استعدادٍ للنجاح والتفوق، وللإخفاق والعجز، فمنهم من يقضي في المدرسة شهرًا ثم ينقل، ومنهم من يقضي في المدرسة عامًا ثم يوكَل إليه عمل آخر، ومنهم من يقضي في المدرسة عامين ثم يخرج، ومنهم من يقضي شهرين ثم يستقيل.. وكذلك أراد الله لمصر المستقلة أن تنشأ فيها هذه المدرسة الغربية التي لم تسبقنا إليها أمة من الأمم، إلا الأمة الإيطالية الصديقة، التي لم يؤسسها قبل رئيس وزرائنا إلا زعيم إيطاليا العظيم السنيور موسوليني، فقد لاحظ الناس جميعًا, وتحدَّثت الصحف الأوربية المختلفة أن الزعيم الإيطالي قد أنشأ مدرسة للحكم يهيئ فيها الإيطاليين لفهم النظام الإيطالي الجديد، فهو يجمع الوزراء ويفرقهم، وهو يُقِرُّهم ويقلقهم، وهو يريد أن يهيئ للغاشم أجيالًا من الوزراء إذا خلى منهم جيل، خلفه جيل آخر، ولم يقلده في هذا النحو من التعليم إلّا رئيس وزرائنا العظيم! أما هتلر فقد نهض بأعباء الحكم في ألمانيا وأمامه مثلان يستطيع أن ينظر: إلى إيطاليا فينتفع، ويستطيع أن ينظر إلى مصر فيستفيد، وأكبر الظن أنه سينظر إلى البلدين جميعًا, فكلاهما خليق أن يعلم فيحسن التعليم2! ".
ثم ختم المقال بتأكيد الوظيفة التي من أجل أدائها كُتِبَ المقال:
"إنما تجد سياستنا يوم تكون أمور الشعب إلى الشعب، ويوم يقضي