تنتهي إلى الهدوء، كما أن الجوَّ مهما يبلغ من الفساد ينتهي إلى الصلاح"1. وهذه العاصفة قد أثيرت "منذ حين"2. وقوله في النزال ضد الوزراة النسيمية: "نحن مضطرون إلى أن نقدِّرَ كلام "الليبرتية" قدرًا خاصًّا هذه الأيام؛ لأنا نعلم أن الليبرتية لا تنطق عن الهوى منذ تألَّفت الوزراة الجديدة. نعلم ذلك ولا نشك فيه, وكل شيء يدل على أننا غير مخطئين, ففي يوم الخميس الماضي نشرت الليبرتية مقالًا افتتاحيًّا بقلم كاسترو, أنبأتنا فيه بما يُنْتَظَرُ من الوزارة الجديدة, فلما كان الغد نشرت الليبرتية حديثًا مع رئيس الوزراء مطابقًا كل المطابقة لما كان يُنْتَظَرُ من الوزارة الجديدة. فلما كان بعد غدٍ وهو يوم السبت الماضي, طلب إلى الليبرتية لأمرٍ ما تصحيح شيء من حديثها مع رئيس الوزراء لم يكن يحتمل خطًأ ولا يحتاج إلى تصحيح"3, ويقول بعد ذلك في نفس المقال: "وقد نشرنا أمس مقالًا لليبرتية قلنا أنه عظيم الشأن. وبين يدينا اليوم مقال آخر لليبرتية ليس أقل خطرًا مما نشرناه أمس. والمقالان متصلان اتصالًا قويًّا ظاهرًا, فلنحاول فهمهما وتفسيرهما, فقد ينتج لنا ذلك ما طلبناه وألححنا فيه من برنامج الوزارة4" إلخ.
ومن ذلك يبين أن خصيصة الجدَّة الزمنية في مقال طه حسين تجعله مسايرًا للأحداث الجارية، مرتبطًا بها، غير منعزل عنها، وهي لذلك ترتبط بخصيصة الإقناع عن طريق الشواهد والأمثلة المشتقة من الأحداث الجارية في الحاضر.
أما الخصيصة السادسة في مقال طه حسين، فهي لا تنفصل عن الخصائص الأخرى في المقال الرئيسي، ونعني: خصيصة التوجيه والإرشاد, وهي خصيصة تختفي دائمًا وراء أسلوب طه حسين التصويري الاستقرائي, ذلك أن هذه الخصيصة تتميَّزُ عند طه حسين باتجاهه القويِّ نحو القارئ كما تَقَدَّمَ، وهو الاتجاه الذي يتميَّزُ بالإيناس والصلة المتبادلة بين الكاتب والقارئ، ذلك أن القرَّاء -كما يقول طه حسين- هم "كل شيء"5, وأن "الكُتَّاب دائبوا التفكير في قرَّائهم إذا قرأوا, وإذا فكَّروا حاولوا الإجادة، وإذا وُفِّقُوا أو لم يُوَفَّقُوا إليها"6. وكنتيجة لهذه الصلة القوية بين طه حسين وقرائه، وجدنا خصيصة التوجيه والإرشاد في مقاله الصحفي تختفي وراء أسلوبه الذي يسعى إلى رفع العامَّة إلى مستواه, في الوقت الذي لا يتعالى فيه على قرَّائه، وتلك مهارة "صحفية