والفنية والاجتماعية والسياسية في قوالب مبسطة تيسر الاتصال بجماهير القراء، وتؤدي الوظائف الاجتماعية للصحيفة الدورية في تكامل مع المواد الأخرى، التي تحيط القارئ علمًا بالأحداث، أو تفسر وتعلل ما يجري من هذه الأحداث، أو تنور عقله بمعلومات وحقائق.
ومن أجل ذلك وجدنا طه حسين يوظِّف "المقال القصصي" لأداء متطلبات الفن الصحفي من تنويع في المواد شكلًا وموضوعًا في إطارٍ من الحاليَّة والحيوية والاستجابة لاهتمامات القراء, وفي شكل مقالي أكثر مرونة من الشكل الأدبي؛ لأنه يجعل الآثار الأدبية التي تقف في مكانٍ ما بين القصة القصيرة والمقال كثيرة جدًّا.
ورأينا المقال الوصفي والتقرير الصحفي يقربان المسافة بين الأدب والصحافة من خلال التقريب بين المستويات اللغوية في مقال طه حسين، وقيامه على أغراض الصحافة ومراميها ومستويات جماهيرها. كما تعرَّفْنَا على فنٍّ مقاليٍّ جديد هو "فن المقال الرمزي", الذي يطوِّع اللغة العربية من خلاله لأداء وظائف المقال الصحفي، من خلال أسلوب يتوسّل بالإيحاء والرمز يقهر ظروف الرقابة على الإنتاج العقلي، ولكنه مع ذلك يمتاز بخفَّة الظلِّ وسلاسة الأسلوب، كما يمزج التعبير بالتهكم والسخرية مع الحكم والأمثال المتداولة والاقتباسات الدالة، والنقد البَنَّاء. كما يمتاز بقيامه على أساس من الاتصال الوثيق بالقرَّاء ومشكلاتهم وحياتهم الواقعة، في أسلوب يمتاز بالنمذجة الرمزية.
وفي مواجهة ضرورات الرقابة، تعرَّفْنَا على فنٍّ مقاليٍّ يجمع بين الأصالة والجديد عند طه حسين، ونعني به "فن الرسائل المقالية" التي تلتقي مع الرسائل المقالية في تراثنا العربي، وفي تراث الجاحظ خاصة، كما تلتقي مع رسائل فولتير ومونتسكيو، ولكنها تقوم أساسًا على أداء وظائف المقال الصحفي الحديث.
وتعرَّفْنَا على فنٍّ مقالي يعكس التجاوب بين الصحافة والشعب المصري بعد ثورة 1919، ويواجه ظروف المحن السياسية التي تفرض الرقابة على الإنتاج العقلي في الصحف بين حين وحين, ونعني به "فن العمود الصحفي"، الذي اتخذ شكلًا متخصصًا في بداية الأمر، كما سيجيء نتيجة للروابط الثقافية التي ظهرت بظهور الترابط الاجتماعي, كما اتخذ بعد ذلك شكلًا رمزيًّا في "جنة الشوك" للتعبير عن مظاهر "كنا نبغضها ولا نستطيع أن نتحدث عنها بصراحة أثناء تلك الأيام السود1".