ويبغض منها ما يبغض، ويدفعه حبه إلى الْتِمَاسِ الكمال، ويدفعه بضغه إلى التماس الإصلاح"1.
فالعمود المتخصص إذن، ثمرة من ثمار الروابط الثقافية والاجتماعية التي ظهرت بظهور الترابط الاجتماعي متعدد الوجوه، وتجاوب الصحافة مع الطبقات الجديدة في المجتمعات المختلفة2, وهو عند طه حسين يحقق الصلة بين "الشعب وحياته الواقعة العامة"3، وهذه الحياة الواقعة "شعبية أو تريد أن تكون شعبية لا يستأثر بها فريق من الناس دون فريق"4.
وفي ضوء هذه الرؤيا، تتعدد أذواق قرَّاء الصحف ومشاربهم ومستوياتهم، طبقيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا5، وفي مواجهة هذه الحياة الواقعية الجديدة ليس للصحافة بُدٌّ من أن تتطور وتغير من أسلوب تحريرها واختيار موضوعاتها؛ فاتجهت المقالات إلى الاهتمام بمصالح الأفراد والجماعات المتعددة المذاهب والاتجاهات والأهداف، ونشأ عن هذا الاتجاه المقال الافتتاحي القصير, ثم فنّ العمود الذي أخذناه عن الصحافة الغربية6. ويمكننا أن نتبين في هذا المقال العمودي لونين مقاليين يصدران عن رؤيا طه حسين لوظيفته الصحفية، ونعني: فن العمود المتخصص، ثم فن العمود الرمزي.