الفكر العربي الحديث، والصحافة العربية الحديثة، فإن هذه الدراسة، توصي بأن تكون موضوع دراسة أكاديمية، تستكمل جوانبها المختلفة، وأبعادها، وأثرها في توجيه الفكر العربي الحديث، ومقاومة الصحافة العربية للتبشير، على النحو الذي أدّى إلى نتائج إيجابية في المجتمع العربي.
وإذا كنَّا قد مثَّلْنَا لمنهجي: التغيير والتدعيم بقضيتين صحفيتين فكريتين، فإن هذين المنهجين استقطبا منهج المقال الصحفي عند طه حسين في الاتجاهات السياسية والاجتماعية والثقافية، فوجدناه في الاتجاه السياسي يتخذ مواقف محددة بإزاء المشكلات السياسية في الداخل والخارج، محتملًا تبعات "غرقه في السياسة1" غير "منكر من سيرته شيئًا, ولم يندم على فعل أو قول قاله2"؛ لأن المقال السياسي كان محدَّدَ الوظائف في إطارٍ من الوسائل والغايات التي ترتبط بنوعية الحياة الوطنية لمصر، وهي النوعية التي يقوّمها على ضوء مبادئ يمكن دعوتها فلسفة المجتمع والتاريخ، حدَّدت موقفه من قضية الاستقلال، ومن الأحزاب السياسية في مصر، فوجدنا أن الاستقلال في مقال طه حسين وسيلة لها ما بعدها، وليس غاية يقف الجهاد عندها، كما وجدنا مواقفه من الأحزاب السياسية هي مواقف التغيُّر والتدعيم، على النحو الذي تبيَّنَ من مواقفه بإزاء حزب الأحرار الدستوريين التي تقترن بمرحلة تجديد المجتمع المصري، ومواقفه بإزاء حزب الوفد التي تقترن بمرحلة تدعيم القيم الإيجابية والنضالية.
وهذه المواقف السياسية لا تنفصل عن مواقفه في الاتجاه الاجتماعي، لخلق الجو الحضاري الملائم للتقدم والنهضة عن طريق التنوير والتوعية الشاملة بأهداف المجمع وخططه, فأسفر المقال في الاتجاه الاجتماعي عند طه حسين عن بقاء القديم الصالح واضحًا يعمل عمله إلى جانب اتجاهات التجديد التي أخذ منها المجتمع ما يتفق مع كيانه العام، كما تبين من مواقفه من التبشير والعدل الاجتماعي والتعليم والتنشئة الاجتماعية، واكتساب الوعي الاجتماعي في المجتمع، الحرص على منهجي التدعيم والتغيير بالتفكير المشترك والشعور الواحد، على النحو الذي تتميز به الشخصية المصرية في بقائها واستمرارها. الأمر الذي لم يجعل مقاله في الاتجاه الاجتماعي يفصل بين "التثقيف" و"التنشئة الاجتماعية، وإنما يرتبطان ارتباط تفاعل وارتباط منهج وأسلوب، كما تبيَّن من دراستنا للمقال في الاتجاه الثقافي، الذي جاء ثمرة من ثمار المشاركة في الحياة الواقعة، فاتجه إلى ترقية العقل وتوسيع الأفق، ومَدَّ آماد الفكر الإنساني من حيث هي مصدر لشعور الفرد بحقِّه وتقديره لواجبه،