آخر؛ حقاً إن موقف ليتون ستراتشي كان فذاً في تاريخ السيرة، ولكن براعته البارعة كفلت له النجاح وأخفق كثير من مقلديه في اقتفاء خطواته، فبعضهم استهوته روح التهكم فجر السيرة إلى نوع من الهزلية الساذجة، وبعضهم اختار الحذف والتركيب، فوقع في التحيز والمغالاة؛ وإذا كان ستراتشي قد جدد تجديداً واضحاً في كتابة السيرة، فإنه جعل نموها في هذا الاتجاه عسيراً.
وقد فاض فيض السير بعد ستراتشي، محاكاة لطريقته في البدء، ثم غلب عليها الطابع العلمي، وخاصة تلك السير التي تكتب بروح أكاديمية أو خاضعة لنظريات معينة نفسية أو بيولوجية أو أنثروبولوجية. ولنظريات فرويد أكبر الأثر في اتجاه الكتاب إلى دراسة النواحي النفسية، ومعالجة الأمور المتعلقة بالحياة الجنسية في تحليل علمي أو تحليل مشتبه به، وخاصة عند دراسة شخصيات كان لها نصيب من الشذوذ، مثل بليك وادجار ألان بو وأمثالهما، وفي هذه الناحية كتبت سير كثيرة.
أما السير ذات الطابع الأدبي فبعضها ظل يثير المتعة بقوة العرض في التركيز والاكتناز، أو في التحليل الدقيق، أو في التراوح بينهما، وفي تهيئة الجو القصصي على مثال ما في القصص، كما هي الحال عند أميل لودفيج صلى الله عليه وسلم. Ludwig في بسمارك ونابليون والمسيح. وقد اعترف لودفيج أنه كان يعتمد على نجوى الذات، ووصف الحركات النفسية حيث تقل لديه المصادر والوثائق؛