فن السيره (صفحة 44)

(ب) وهذا مثال آخر يختلف قليلاً عن سابقه وهو يصور كيف كان بوزول يغيظ صديقه بإقحام الحديث عن الموت، وكان جونسون يهتز فرقاً من الموت:

" وحين سألته أليس لنا أن نهيئ أذهاننا لاستقبال الموت أجاب في حدة، لا يا سيدي: دع الموت وشأنه فليس يهم كيف يموت الإنسان وإنما كيف يعيش. إن عملية الموت ليست شيئاً هاماً، لأنها تنجز في لحظات. " ثم ردف قائلاً؟ بنظرة جادة؟ " إن الإنسان ليعلم أن الموت كذلك فيعنو له، وليس مما يغني عنه كثيراً أن يجأر بالعويل ".

" وحاولت أن استمر في الحديث، فاستشاط غضباً وقال لي: لا تزد، وانقلب إلى حالة من الاضطراب عبر فيها عن نفسه بطريقة أرعبتني وأحزنتني، ورأيته لا يطيق بقائي فتأهبت لانصرف فناداني بخشونة قائلاً: " لا ترني وجهك غداً " فعدت إلى البيت قلقاً مهموماً، وتجمعت في خاطري كل الملاحظ النابية الجافية التي سمعتها عن أخلاقه وتصرفاته، ورأيتني كأني ذلك الرجل الذي أدخل رأسه في فم الأسد مرات عديدة وأخرجه سالماً، وفي آخر مرة فقد رأسه. وفي اليوم التالي أرسلت إليه وريقة أقول له فيها: قد أكون مخطئاً ولكن عن غير عمد وإنه كان قاسياً في معاملته لي، وإنه على الرغم من اتفاقنا على إن نلتقي ذلك اليوم فقد أمر عليه في طريقي إلى المدينة وأمكث عنده خمس دقائق، وقلت له فيما قلته: " إنك في ذهني منذ الليلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015