إن تلك الطبيعة الثورية القلقة الجياشة؟ التي شهدنا شيئاً منها في الفصل السابق؟ ليست من المميزات الواضحة في السيرة الذاتية في الأدب العربي. فإن طبيعة الاستسلام أغلب على هذا اللون من الأدب، حتى عند أصلب شخصياته، وأشدها تمرساً بالمصاعب، وهي طبيعة يمثلها ابن خلدون نفسه، على صلابة عوده، لأنه إذا واجه مشكلة تنحى عنها لتمر، أو اختار الهجرة لئلا يضعف إزاءها، وهو يعزل ثم يولى ثم يعزل ثم يولى، ويتقبل هذا الأمور كأنها أحداث تجري بمعزل عنه وعن تفكيره وتقديره؛ ويغرق أهله جميعاً في سفينة قادمة من تونس، فإذا جوابه على هذه الفاجعة أنه يريد زيارة مكة ليتعزى عمن فقدهم. ومعنى هذا أن الإحساس بالصراع الذي يخلق الفن، ضعيف في