إذاً: باختصار نراجع ونرتب ما سبق من أحداث تمهيداً لقيام دولة إسرائيل في فلسطين.
الأمر مر بعدة مراحل: المرحلة الأولى -أسميها-: مرحلة الفكرة والخطة، وهي التي سعى فيها تيودور هرتزل إلى تحقيق فكرته، وعقد لأجلها فيها مؤتمر بال، واستقروا على اختيار فلسطين وطناً لليهود، واتفقوا على ثلاثة أشياء رئيسية: أولاً: التشجيع على الهجرة بالدين والإعلام والمال.
ثانياً: تنظيم اليهود في العالم عن طريق المؤتمرات والجمعيات السرية واللغة العبرية.
ثالثاً: السعي إلى اعتراف دولي، وذهبوا إلى إنجلترا وألمانيا وروسيا والخلافة العثمانية، ووجدوا تجاوباً من إنجلترا، وإعراضاً من كل من الخلافة العثمانية وروسيا.
المرحلة الثانية -أسميها-: مرحلة التأسيس، وفيها برز دور إنجلترا المهم في مساعدة اليهود، وقام فيها اليهود أيضاً بمجهود وفير، وكانت الغاية في هذه المرحلة: أولاً: إسقاط السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله، وصناعة زعيم عميل لليهود والإنجليز هو مصطفى كمال أتاتورك.
ثانياً: احتلال إنجلترا لفلسطين ووعد بلفور.
ثالثاً: تقوية فكرة القومية العربية، والقومية التركية، وفصل الشعوب الإسلامية عن بعضها البعض.
رابعاً: احتلال الجزء الأكبر من الخلافة العثمانية عن طريق إنجلترا وفرنسا وإيطاليا؛ حتى يشغل كل قطر بمصائبه، وبالتالي تخرج فلسطين من بؤرة اهتمام المسلمين.
خامساً: إسقاط الخلافة العثمانية المانع الرئيسي لقيام دولة يهودية في فلسطين.
ساساً: إسقاط الحكم القيصري في روسيا، وقيام الحكم الشيوعي الموالي لليهود.
نتيجة هذه الأمور: أصبحت فلسطين محتلة بإنجلترا صديقة اليهود، والدول الإسلامية المحيطة -بما فيها تركيا- لا تفكر بفلسطين، وخلا الطريق لليهود.