والآن همسات في أذنك أيها المتبرع لفلسطين! المشتاق إلى الجهاد والجنة! أخي المنفق في سبيل الله! اجعل التبرع لفلسطين قضية ثابتة في حياتك وعملاً رئيساً تعيشه كل يوم، اقتطع نسبة ثابتة من دخلك الشهري أو اليومي أو الموسمي، لا تنتظر حتى تتراكم الأموال فيصعب عليك الأمر، أولاً بأول تهدم نفسك والشيطان.
أخي المنفق في سبيل الله! لا تكتفي بتبرعك وحدك.
حفز الآخرين على التبرع، فإنه من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، اكفل أسرة فلسطينية كل شهر، وإن لم تكن لك طاقة بمفردك اجمع من الآخرين، وحفزهم والأجر بينكم.
أخي المنفق في سبيل الله! رب أولادك على الاهتمام بفلسطين وبقضايا العالم الإسلامي أجمع، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، إذا جاءك ولدك الصغير بدرهم لفلسطين فلا ترده، ودرب نفوسهم على العطاء واشرح لهم بأسلوب مبسط حال أطفال فلسطين.
أخي المنفق في سبيل الله! اجعل يوماً في الأسبوع لفلسطين، كل فيه طعاماً بسيطاً، وألفت أنظار الزوجة والأولاد إلى أن طعام هذا اليوم سيذهب إلى فلسطين، وليست الفكرة يا إخوة! في ثمن الأكلة الواحدة، ولكنها تربية على أن يشعر المؤمن بهموم إخوانه.
أخي المنفق في سبيل الله! إذا مرضت أو مرض أحد أحبابك فتصدق لفلسطين، فقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة).
أخي المنفق في سبيل الله! زكاتك جائزة على أهل فلسطين، بل هي محمودة، ففيهم الفقير والمسكين، وفيهم الغارم، وفيهم المجاهد في سبيل الله، اجمع زكاتك وزكاة من تعرف، وساهم في فلسطين.
أخي المنفق في سبيل الله! لا تمن بعطيتك ولا تتكبر بها، ولا تعتقد أن هذا فضل منك عليهم، بل اعلم أن عطاءك فضل من الله عليك، وكرم من الله إليك، ورحمة من الله بك.
سألت رجلاً من الأثرياء أن يتذكر أهل فلسطين بشيء من ماله، فشمخ بأنفه ورفع هامته وأخرج محفظته، وعبث فيها قليلاً بأصابعه، ثم أخرج في النهاية من ثناياها مبلغاً زهيداً، ثم قال بشك وريبة: أتمنى أن تصل لفلسطين.
يا أخي! اعلم أن الله إن لم يرزقهم عن طريقك فسيرزقهم عن طريق غيرك، وتضيع عليك أنت الفرصة، واعلم أنك إن أخرجت المال في سبيل الله فهو لك أجر وصدقة، وإن لم تخرجه ولم يكن من نصيبك سوف يخرج في شيء آخر؛ ويضيع عليك الأجر والصدقة.
يا ابن آدم! لا تظن أن رزقك سيزيد باكتنازك، رزقك مكتوب بتمامه وأنت في بطن أمك.
أخي المنفق في سبيل الله! لا ترائي فإن الأعمال بالنيات، أخلص النية لله وجددها دائماً، فلا تجعل مع الله شريكاً فيها، يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65].
أخي المنفق في سبيل الله! لا تسوف، فإن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل، وعملاً بالليل لا يقبله بالنهار، بادر فور دخول الفكرة إلى قلبك، فالأنفاس معدودة والساعة آتية لا ريب فيها، واحذر من سنة الاستبدال، فإن لله أعمالاً لا بد أن تقضى بك أو بغيرك.
{هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:38].
وختاماً: أخي وحبيبي ورفيقي في طريق الله! يا من يباهي بك الله ملائكته لعملك وقلبك لا لصورتك وجسمك! يا من رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيناً ورسولاً! يا من تثق في وعد الله! ووعد الله لا يتبدل ولا يتغير، ألا تشتاق إلى جهاد وشهادة؟ إن كنت لا تستطيعه ألا تريد أن تجهز غازياً أو تخلفه في أهله؟ ألا تشتاق إلى أن تكفل يتيماً، فترسم على وجهه بسمة، وتحشر إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملتصقاً به التصاق السبابة بالوسطى؟ ألا تشتاق إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء؟ أخي وحبيبي! إن كنت غنياً فهذا شكر النعمة، وإن كنت فقيراً فرب درهم سبق ألف درهم، واعلم يا أخي! أن الله قسم الأعمال بين عباده، وكان نصيبك النصيب الأيسر، عليهم في فلسطين أن يدفعوا أرواحهم، وعليك أنت في بيتك الآمن أن تدفع مالك.
فارض بما قسم الله لك من العمل يرفع عنك من البلاء ما لا تطيق.
أخي وحبيبي! كم هو قصير هذا العمر، فأخشى عليك من ليلة ليس لها صباح، يجيء فيها الموت بغتة كعادته فتقول: رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين، أخشى عليك من لحظة تقول فيها: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99 - 100]، ها أنت وكأنك رجعت فاعمل ليوم لا رجعة فيه.
أخي وحبيبي ورفيقي في طريق الله! أتركك الآن وموعدنا الجنة إن شاء الله.
{فَسَتَذْ