فكر ومباحث (صفحة 159)

أدب إقليمي

نشرت سنة 1936

أريد أن يكون لكل قطر من الأقطار العربية (أدب إقليمي) يصف طبيعة الإقليم الذي نشأ فيه، وجمال هذه الطبيعة، ويصور البيئة التي ظهر فيها وعادات أهلها، وأخلاقهم ومشاعرهم، ويكون من الأدب المحض، لأنه تصوير للجمال وعرض للحياة، ويكون من العلم، لأنه مصدر التاريخ الاجتماعي للأمة.

وهذا الأدب هو الذي نريده عندما نقول إن دمشق مثلاً ليس فيها أدب، أي ليس فيها شعر ولا نثر يصف طبيعة بلادها وجمالها وعادات أهلها، وإذا أنت علمت أن فرنسا مثلاً لم يكد يبقى فيها جبل مشهور ولا بحيرة ولا نهر إلا وصفه الشعراء والكتاب ولم يبق في تاريخها حادثة كبيرة إلا استغلَّها الأدب. ورأيت بلادنا (وهي أجمل بلاد الدنيا) مهملة لم توصف ولم تذكر ورأيت تاريخنا (أحفل تاريخ في الوجود بالعظمة والمجد) منسيّاً متروكاً كأنه المنجم البكر، أو الأرض الخصبة العذراء، لعجبت وطوَّح بك العجب.

وما لي أذهب بك بعيداً. وهذه جبال بلودان، يصطاف فيها كل عام جلَّة شعرائنا (?) فكم قصيدة قالوا فيها؟ وهذا وادي بردى والعين الخضراء، وقلمون ومنين وتلفيتا وصيدنايا، بل هاك بردى، ألا نزال (من الفقر) ننشد في بردى بيتاً قيل منذ ألف وأربعمئة سنة:

بردى يصفِّق بالرحيق السلسل

ولا نعرف لشعرائنا في بردى مقطوعة مشهورة؛ أو شعراً سائراً ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015