- صلى الله عليه وسلم - جمع رءوس الناس وخيارهم فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به (?).
وفي بداية عهد الفاروق -رضي الله عنه- وما تبعه من عهود الراشدين كثرت النوازل والأقضيات التي تزامنت مع اتساع رقعة الدولة الإسلامية، ودخول بلاد ذات ثقافات وحضارات مختلقة في دين الله -عز وجل-، وكان عمر -رضي الله عنه- يقفو أثر الصديق في ذلك، فعن المسيب بن رافع (?) قال: "كانوا إذا نزلت بهم قضية ليس فيها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر، اجتمعوا لها وأجمعوا، فالحق فيما رأوا، فالحق فيما رأوا" (?).
وفي القرن الهجري الأول كانت العناية بالفقه وأحكامه الأساسية تعليمًا وتعلمًا، وبما يجدُّ وينزل سؤالًا واستفتاءً، ولم يكن ثمة ما يدعو للفصل بين الفقه والنوازل؛ بل كانا متلازمين، وإن كانا لم يدوَّنا آنذاك.
ولقد بدأ التدوين الفقهي في القرنين الثاني والثالث، وفيهما نشأت المذاهب الفقهية الأربعة وازدهر الفقه ازدهارًا عظيمًا، حيث كان الفقهاء المجتهدون يعدون بالمئات؛ ولذا عرف في هذه الفترة ثلاثة عشر مذهبًا فقهيًّا، أولها لأبي حنيفة النعمان (ت: 150 هـ)،