وآخرها لمحمد بن جرير الطبري (?) (ت: 310 هـ)، وإن كان لم يبق مكتوبًا ومدونًا محفوظًا إلا المذاهب الأربعة المشتهرة، بالإضافة إلى ما لدى الشيعة الإمامية والزيدية.
وفي هذه الفترة ألفت أمهات كتب هذه المذاهب غالبًا، وأما ما يتعلق بتدوين النوازل وفقه هذه المسائل المستجدة فلم تقم عناية من حيث التدوين، وإن كان الاشتغال بالفتيا في تلك النوازل ظاهرًا، بل وعرف أيضًا الفقه التقديري الفرضي الذي يعدُّ الجواب لمسائل لم تقع، سواء أكانت قريبة أم بعيدة الوقوع، بل وأحيانًا لن تقع أبدًا.
ومع بداية القرن الرابع الهجري بدأت مرحلة جديدة تميزت بالاستقرار الفقهي حيث عني كثير من الفقهاء بمذاهب الأئمة المتبوعين تنظيمًا وتوسيعًا، ومع بلوغ عدد من هؤلاء الفقهاء رتب الاجتهاد المطلق، إلا أنهم فضلوا العناية بهذه المذاهب المتبوعة درسًا وشرحًا وتصنيفًا، فاكتمل بفضل جهودهم بنيان المذاهب الأربعة، وقامت على سوقها، وخرجت الموسوعات الفقهية المذهبية الكبرى، كما قامت إلى جانبها الموسوعات الفقهية المقارنة هي الأخرى، وتراكمت المسائل المجموعة سواء الواقع منها أو المتوقع جنبًا إلى جنب مع فرضيات ومسائل مستبعدة الوقوع، وخلال تلك الفترة كانت الحاجة ماسة لتدوين كتب النوازل مصطبغة بالفقه المذهبي الذي يتمذهب به هذا المفتي أو ذاك، وإن وجدت مساحة للاجتهاد داخل فقه المذهب مراعاة لظروف النازلة والملابسات المحيطة بها، واستجابة لمتغيرات الأعراف والعادات.
وعرفت تلك المصنفات بأسماء منها: كتب النوازل، والفتاوي، والحوادث، والقضايا وهي أشيع تلك الأسماء لدى الفقهاء، كما دعيت باسم الأجوبة، والجوابات، والمسائل،