الرحمة بالعباد والتيسير عليهم، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، وفي تشريع الرخص عند وجود المشقات برهان ناطق على بيان رعاية مصالح العباد كل العباد، حتى إن أشد الحدود وهو القصاص معلل تشريعه بالمصلحة الراجعة لأولي الألباب.
قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179].
والأمر بالقتال وإعداد العدة -وهو شديد على النفس أيضًا- معلل بالمصلحة، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60]، وإرهاب العدو مصلحة؛ لأنه ينكفُّ عن عدوانه على المسلمين إذا رأى قوتهم (?).
وقد تحققت مرونتها بمراعاتها للظروف القاهرة، والأعذار الطارئة، وتغير الفتوى فيما بني على الأعراف بتغير جهاتها من الزمان والمكان والأحوال.
فكل ما يحتاج إليه الإنسان في حياته قد تكفلت به شريعة الرحمن، فهي أعم من أن تكون أصولًا اعتقادية أو أحكامًا فقهية فروعية أو آدابًا أخلاقية واجتماعية، أو تنظيمات سياسية دولية أو داخلية.
ومن شمولها: أنه لا تخلو حادثة عن حكم للشريعة وتوجيه في جميع الأقطار وعلى مر الأعصار، وإذا كانت نصوصها متناهية فإن معانيها وما يستنبط منها ليس بمتناهٍ مطلقًا.
قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89].