قال الإمام الشافعي -رحمه الله-تعليقًا على هذه الآية-: "فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها" (?).
والدلالة هنا إما نصًّا أو جملة (?)، وبيَّن ذلك القرطبي -رحمه الله- فقال: "إما دلالة مبينة مشروحة، وإما مجملة يتلقى بيانها من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو من الإجماع أو من القياس الذي ثبت بنص الكتاب" (?).
والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة، منها قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: 12]،، ومنها: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]، ودلالة هذه الآيات قطعية؛ ولذلك سمي هذا القرآن "فرقانًا، وهدًى وبرهانًا، وبيانًا وتبيانًا لكل شيء، وهو حجة الله على الخلق على الجملة والتفصيل والإطلاق والعموم" (?).
ثم السنة بعد ذلك مفصلة لما أجمل، وشارحة ومبينة لما أبهم، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 4].
فقد جمع القرآن الكليات، ونص على بعض التفصيلات، وتولت السنة بعد ذلك الإكمال، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
وقد شمل بيان السنة للقرآن ما يتعلق بمعاملة العبد لربه، ومعاملة العبد لنفسه، ومعاملة العبد لغيره، فعلوم التوحيد والعقيدة والأخلاق والسلوك والعبادات والمعاملات