وهكذا جميع الأحكام فلا زوال لها ولا تبدل، ولو فرض بقاء التكليف إلى غير نهاية لكانت أحكامها كذلك" (?).

ومع ذلك كله فإن بالشريعة سعة ومرونة ومنطقة من العفو تركت قصدًا للناس من غير نسيان، ففي الحديث: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو فأقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئًا"، ثم تلا هذه الآية: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] (?)، ثم فتح الباب للاجتهاد في هذه المنطقة، ولإلحاق النظير بنظيره.

كما يلحظ بجلاء أن نصوص الشريعة عنيت بالأحكام الكلية في بعض القضايا أكثر من عنايتها بالجزئيات التفصيلية؛ فإن كثيرًا من قضايا السياسة الشرعية في الإسلام جاءت النصوص فيها عامةً تضع الأطر وتترك التفاصيل، وهذا ملحوظ في نظام القضاء وتطوره، ونظام الحسبة والمظالم، وطرائق الشورى، وغير ذلك، والحكمة في هذا متجلية في تحقيق مرونة التطبيق بعد ثبات التوثيق.

ومن أسباب ثباتها -مع السعة في أحكامها، والمرونة في تطبيقها على اختلاف العصور وتغير البيئات-: ابتناؤها على جلب الصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، فهي شريعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015