الوقت الراهن، مشيرًا إلى تحديات قانونية لا يمكن تجاهلها في الحرية الدينية والمساواة أمام القانون، دون أي تفرقة على أساس ديني أو عرقي.
ويُعَقِّبُ فيقول: "إن على الدول الأوروبية أن تُوجِدَ سبلًا لإعطاء المسلمين الذين يعيشون داخل أراضيها كاملَ حقوقهم، وذلك عن طريق مراجعة القواعد القانونية الحالية".
وكما يتوجب على الغربيين أن يفعلوا ذلك يتوجب على تلك الأقليات أن تضع محدداتها الحضارية والشرعية المقاصدية لِتُحْسِنَ التعبير عن نفسها، ولتواجه تحديات متعددةً، فإن النظام العالمي الجديد ليس من صنع المسلمين؛ بل إنه مختلف اجتماعيًّا وسياسيًّا وثقافيًّا عن معهود المسلمين في خلافتهم الضائعة، ودولهم القطرية، إنما هي دول علمانية في أغلب توجهاتها، وإن أشارت في وثائق دساتيرها إلى الإسلام والشريعة (?).
كما أن العالم المعاصر لم يَعُدْ كتلًا منفصلة كما كان في السابق، فلقد تلاحمت الأجزاء وتداخلت الثقافات، وتواصلت الشعوب، واتسم العصر بالتواصل الفعال في كل مجال.
وهذه الإشكالات تثير عددًا من التساؤلات على مستوى السياسة الشرعية، والتأصيل العلمي الفقهي لقضايا تلك الأقليات، ولا يخفى أن ثمة محددات حضارية ومقاصد شرعية في حياة الأقليات المسلمة تحكم علاقتها بمجتمعات غير المسلمين التي تعيش فيها؛ فإن هذه المجتمعات جزء من أمة الدعوة، سواء أكانوا من اليهود، أم النصارى، أم الوثنيين؛ فلا بد من قيام علاقة الدعوة، وقد قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} وثَنَّى بعلاقة أخرى هي الحكمة، فقال سبحانه: {بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} وثَلَّثَ بعلاقة الحوار، فقال: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
والأقليات المسلمة تُفَرِّقُ بين من يعاديها في تلك المجتمعات، ومن يناصرها ويدافع عن حقوقها من غير أهل ملتها، فترفع الأقليةُ المسلمة في علاقتها بغير المسلمين