شعار: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: 113]، فمن أعانها ولم يُعِنْ عليها فإن العلاقة معه تقوم على البر والقسط، وعلى أساس من قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].

ولا يمتنع أن تقوم عندئذٍ علاقاتُ التعاونِ على البِرِّ والتقوى؛ لعموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].

ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بِيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات اللهِ إلا أعطيتهم إِياها" (?).

وعن هذا المبدأ نشأ تعاونٌ تجاريٌّ واشتراكٌ مصلحيٌّ، وغير ذلك من العلاقات الاجتماعية البشرية الصحيحة، ولا يعني ما سبق استبعادَ وجودِ علاقةِ التَّدَافُعِ الثابتة بقوله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251].

وكذا فإن هذه العلاقة يستتبعها من مخططات التذويب والانصهار ما يُلْزِمُ أهلَ الإسلامِ بحفظِ ثوابتهم وإقامةِ عقائِدِهم، وتحريرِ ولائِهم لله ورسوله وللمؤمنين، والحرصِ على هويتهم المسلمة أن تذوى أو تتميع، بل وتنبغي مشاركة هذه الأقليات -كل بحسبه- في نصرة قضايا المسلمين عامَّةً من خلال وجودهم في أقطارهم، وقد تَبَدَّى هذا مؤخرًا في موقف مسلمي العالم من قضية كسر الحصار عن غزة الأبية وسفن الإغاثة الإنسانية وأسطول الحرية!

ومن هنا تتأكَّدُ مشاركةُ هذه الأقليات المسلمة في قضايا أُمَّتِهَا بعد أن تُنَظِّمَ صفوفَهَا وتُوَحِّدَ مسيرتَها، وتَجْمَعَ كلمتها. وهنا تتعين الإشارة إلى أن أقلية يهودية لا يزيد تعدادها في العالم بأسره عن ثلاثين مليونًا، تلعب دورًا خطيرًا في الإعلام العالمي، وتعبث بمقدراتٍ اقتصاديةٍ لدولٍ كبرى، وتتحكم في مجريات السياسة العالمية، في حين أن الأقلية المسلمة تزيد عن عشرة أضعافها عدديًّا، ومع هذا فلا تأثيرَ يُذْكَرُ، أو جهودَ تُؤْثَرُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015