وفي ظل تلك المحن يتنادى المسلمون أفرادًا وجماعاتٍ، وشعوبًا وحكوماتٍ، ومؤسساتٍ وهيئاتٍ لمدِّ يد المعونة لتلك الأقليات، والمسارعة إلى بذل كلِّ نفعٍ ماديٍّ ومعنويٍّ باليد واللسان وبالدعاء.
ثم إن الله تعالى اختصَّ ورثةَ الأنبياء وجهابذة العلماء الفقهاء بتنوير طريق تلك الأقليات، فتصدى كثير من العلماء لمشاكل ومسائل تلك الأقليات، بالفتيا تارةً، وبالنصح أخرى، وبالجهود الفردية والجماعية والمجمعية تارة أخرى، فتأسست مجامعُ فقهيةٌ في الغرب لمعالجة مشكلات الأقليات، واعتنت المجامع العلمية في ربوع العالم الإسلامي بالإجابة عن الأسئلة، وبحث المستجدات.
ومع أن ذلك كله عمل علمي دعوي سلمي فقد ضاق الغرب ذرعًا بهذه المجالس والمجامع، حتى قال رئيس المجلس الأوروبي للبحوث العلمية والإفتاء فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في كلمته الافتتاحية لدورة المجلس التاسعة عشرة المنعقدة باستنابول في الفترة من 30/ 6/ 2009 إلى 5/ 7/ 2009 م: "الأوربيون لم يعودوا يتحملوننا، مع العلم أننا نعمل لصالحهم، وندعو المسلمين إلى أن يندمجوا في مجتمعاتهم، دون أن يتخلوا عن عقيدتهم".
وفي تفسيره لأهمية وجود هنا المجلس قال: "وجودُ أقليات مسلمة في الغرب استدعى وجودَ مؤسسةٍ ترعى الجانب الشرعي لتلك الأقلية. . . ولهذا تم إنشاء المجلس الأوروبي للإفتاء" (?).
وقد أقرَّ بهذه المواقف العدائية كثيرٌ من الباحثين الموضوعيين بالغرب؛ فهذا البروفيسور (ماثياس روه) عميد كلية الحقوق في جامعة نوربيرج بألمانيا، ورئيس رابطة القانون الإسلامي والعربي، وأستاذ القانون الخبير بالأقليات المسلمة في أوروبا يضع كتابًا بعنوان "الأقليات المسلمة والقانون في أوروبا، فرص وتحديات" (?).
حيث تناول في كتابه وجود المسلمين في أوروبا منذ أوائل القرون الوسطى وحتى